كانت الجاعونة تقع على سفح جبل كنعان وتشرف على غور الأردن من الجهات كافة، ما عدا الغرب. وكانت قريبة من الجانب الغربي لطريق عام يوصل إلى صفد وطبرية. في سنة 1596، كانت الجاعونة قرية في ناحية جيرة (لواء صفد)، وعدد سكانها 171 نسمة. وكانت تؤدي الضرائب على عدد من الغلال كالقمح والشعير والزيتون، بالإضافة إلى عناصر أُخرى من الانتاج والمستغلات كالماعز وخلايا النحل وطاحونة تعمل بالقوة المائية. في أواخر القرن التاسع عشر، كانت الجاعونة قرية مبنية بالحجارة، وكان عدد سكانها 140-200 نسمة يعملون في زراعة التين والزيتون، وكانوا كلهم من المسلمين. وكان في الجاعونة مدرسة ابتدائية للبنين أُسست أيام العثمانيين. في الأزمنة الحديثة، كان معظم سكان القرية يعمل في الزراعة، أو في البناء. وعلى الرغم من قلة موارد المياه عندهم، فقد كانوا يزرعون الحبوب والزيتون والتين الهندي والعنب. في 1944/1945، كان ما مجموعه 248 دونماً مخصصاً للحبوب، و172 دونماً مروياً أو مستخدماً للبساتين.
إحتلال القرية وتطهيرها عرقيا
كان مصير الجاعونة وثيق الارتباط بمصير مدينة صفد المجاورة. ويقول المؤرخ الإسرائيلي بِني موريس أن نزوح سكان الجاعونة كان حدث في وقت ما قبل 2 أيار/مايو 1948، وأدى إلى زيادة الذعر في صفوف سكان صفد. ويذكر موريس في مكان آخر أن الجاعونة أُفرغت من سكانها بعد ذلك التاريخ بأسبوع واحد، أي في 9 أيار/مايو، إبان الهجوم النهائي على صفد. وعلى أية حال، احتلت الجاعونة في سياق عملية يفتاح، التي شنت في النصف الثاني من نيسان/أبريل. وعلى الرغم من الاحتلال الصهيونية للجاعونة، فقد بقي بعض سكانها فيها حتى حزيران/يونيو 1949، على الأقل عندما طُردوا منها بالقوة مع سكان قريتين أُخريين. ويروي موريس أن شاحنات الجيش الإسرائيلي أحاطت، في منتصف ليل 5 حزيران/يونيو، بالقرى الثلاث وأرغمت السكان على الصعود إلى الشاحنات ((بوحشية.. مع الرفسان والشتائم والإهانات…)) (بحسب ما قال عضو الكنيست إليعيزر برائي)، ثم أفرغتهم منها على سفح تل أجرد بالقرب من قرية عكبرة، التي تبعد نحو 5 كلم إلى الجنوب الغربي. وعندما احتج برائي، وهو عضو في حزب مبام، على عمليات الطرد أجاب رئيس الحكومة، دافيد بن-غوريون، أنه وجد الأسباب العسكرية الموجبة لذلك ((كافية)). وذكر موريس، نقلاً عن مصادر إسرائيلية، أن اللاجئين من الجاعونة مكثوا في عكبرة ((أعواماً عدة … في أوضاع مهينة من الازدحام السكاني)). لكن لا يُعلم، على وجهة الدقة، متى أُخليت القرية تماماً من سكانها.
القرية اليوم
باتت مستعمرة روش بينّا تحتل موقع القرية. وقد بقي الكثير من منازل القرية قائماً؛ بعضها يشغله سكان المستعمرة، وبعضها الآخر حجري مهجور ومدمّر. ولأحد المنازل باب تعلوه قنطرة.
المغتصبات الصهيونية على اراضي القرية
تقع مستعمرة روش بينّا جنوبي شرقي موقع القرية. وكانت أُنشئت في سنة 1878 على أراض مشتراة من سكان الجاعونة. وبعد أن أخفقت هذه المستعمرة في البقاء أول مرة، أعيد إنشاؤها في سنة 1882. وعلى الرغم من أن عدد السكان فيها كان أقل من 400 نسمة في بداية سنة 1948، فقد بلغ عددهم 1480 نسمة في سنة 1953، وكان معظمهم من المهاجرين؛ وبذلك تمددت المستعمرة إلى أبعد من الرقعة التي اشتراها مؤسسوها الأصليون، لتحتل الأراضي التي كانت تابعة للجاعونة.