كانت القرية تقع في رقعة مستوية من الأرض في القطاع الشمالي الشرقي من سهل الحولة، قريباً من الحدود السورية. وكانت قرى فرعية تصلها بالقرى المجاورة. في أواخر القرن التاسع عشر، كانت العابسية قرية مبنية باطلوب، وعدد سكانها نحو سبعين نسمة. وكان سكانها يحرثون الأرض، ويروون مزروعاتهم من مصادر المياه الكثيرة المحيطة بالقرية، ولا سيما نهر بانياس. وكانوا يتزودون مياه الشرب من الينابيع التي كانت تصب في النهر. أما منازل القرية فكانت إجمالاً متقاربة بعضها من بعض، لكنها كانت أقل تراصفاً في الجهة الشرقية من القرية، حيث كانت يتم تشييد النازل الحديثة (وقد توسعت القرية في عهد الانتداب البريطاني).
كانت سكان القرية، في أكثريتهم، من المسلمين. وكانت الزراعة أهم موارد رزقهم، فكانوا يستنبتون الفاكهة، وضمنها البرتقال، على ضفة النهر البعيدة جنوبي القرية وجنوبيها الغربي. في 1944/1945، كان ما مجموعه 4 من الدونمات مخصصاً للحمضيات والموز، و2830 دونماً للحبوب، و6390 دونماً مروياً أو مستخدماً للبساتين. وكان يقع بالقرب من العابسية خرب تل الساخنة وتل الشريعة والشيخ غنام.
إحتلال القرية وتطهيرها عرقيا
استناداً إلى الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، فإن سكان القرية فروا في 25 أيار/مايو 1948، من جراء الحرب النفسية التي شنها الإسرائيليون بالتزامن مع عملية يفتاح. لكن من الجائز أيضاً، استناداً إلى المؤرخ الإسرائيلي بني موريس، أن تكون القرية تعرضت لهجوم عسكري مباشر. ذلك بأنه كان من أهداف عملية يفتاح المعلنة جعل منطقة الجليل الشرقي كها خالية من سكانها الفلسطينيين.
منذ 18 أيار/مايو، كانت إحدى المستعمرات المجاورة تخطط للاستيلاء على شطر كبير من أراضي هذه القرية. فقد كتب أعضاء كيبوتس سدي نحميا (هوليوت) إلى رئيس المركز الزراعي ((يطلبون منه، بشيء من الخجل، أن يخصهم، بـ 1700 دونم من أراضي العابسية)).
القرية اليوم
لم يبق من القرية عين ولا أثر. وقد غلبت الحشائش والنباتات البرية وبعض الشجرات المتفرقة على أرض الموقع. أما الأراضي المحيطة بالموقع، فيزرعها سكان مستعمرة كفر سولد.
المغتصبات الصهيونية على اراضي القرية
قبل سنة 1948، كانت ثلاث مستعمرات يهودية قد أسست قريباً جداً من موقع القرية؛ من ذلك أن مستعمرتي عمير التي أنشئت في سنة 1939، وسدي نحميا التي أنشئت في سنة 1940، هما أقرب إلى موقع القرية من المستعمرة الثالثة كفار سولد، لكنهما مبنيتان على أراضي كانت تابعة لقرية الدوارة. أما مستعمرة كفار سولد، التي بنيت في سنة 1942 على أراضي لم تزل تعد-تقليدياً- تابعة للقرية فهي إلى الشرق من الموقع.