القبيبة

كانت القرية مبنية على مرتفع رسوبي في السهل الساحلي الأوسط. وكانت وصلة تربطها بالطريق العام الساحلي الممتد إلى الغرب منها، والمفضي إلى غزة والرملة وغيرهما من المدن. في أواخر القرن التاسع عشر، وُصفت القبيبة بأنها قرية مبنية بالطوب على مرتفع من الأرض، ومن حولها بساتين مزروعة ومسيّجة بالصبّار. في أيام الانتداب، كانت المنازل مبنية بالطوب أو بالحجارة، ومتقاربة بعضها من بعض؛ وكانت المنازل الحديثة، التي بُنيت عشية الحرب، متباعدة أكثر، وكان في القبيبة سوق صغيرة ومسجد ومدرسة ابتدائية. وكان للمدرسة، التي أُنشئت في سنة 1929، ملحق زراعي مساحته 12 دونماً، يتعلم التلامذة فيه أصول الزراعة العلمية؛ وكان يؤمها 344 تلميذاً في العام الدراسي 1945/1946. وكان سكان القرية كلهم من المسلمين. في سنة 1945، توطّن نحو 900 بدوي في جوار القرية. وكانت الزراعة أهم موارد رزق سكانها، الذين كانوا يزرعون الفاكهة، ولا سيما الحمضيات والخضروات والحبوب. في 1944/1945، كان ما مجموعه 4639 دونماً مخصصاً للحمضيات والموز، و2972 دونماً للحبوب، و1143 دونماً مروياً أو مستخدماً للبساتين. وكانت مياه الري تُستمد من آبار ارتوازية، ومن نهر روبين.

إحتلال القرية وتطهيرها عرقيا 

نقلت وكالة إسوشييتد بريس بلاغاً صادراً عن القيادة العسكرية الإسرائيلية العامة يذكر أن القبيبة احتُلّت في 19 أيار/مايو 1948. لكن المؤرخ الإسرائيلي بني موريس يزعم أنها احتُلت بعد أسبوع تقريباً، بتاريخ 27 أيار/مايو، في سياق عملية براك التي نفذها لواء غفعاتي. وكان اللواء بإمرة شمعون أفيدان الذي ((كان لا يريد إلاّ قرى خالية فحسب))؛ وذلك بحسب ما ذكر بني موريس. وبينما كان الجيش الإسرائيلي يستولي على القبيبة، كانت عصابة الإرغون متورطة في محاولة لاقتحام الرملة، الواقعة على بعد 10 كلم إلى الشمال الشرقي. وقد احتُلت القبيبة وزرنوقة في معركة دامت أربع ساعات، وفق ما روت صحيفة ((نيويورك تايمز)).
ويشير موريس إلى أن تدمير القبيبة تحوّل إلى شبه مشكلة في أثناء جلسة للحكومة الإسرائيلية في حزيران/يونيو 1948. والظاهر أن مستوى الدمار في القرية كان بلغ شأواً عظيماً؛ إذ أن وزير شؤون الأقليات، بيخور شيتريت، أثار القضية في جلسة الحكومة يوم 20 حزيران/يونيو. وكان بعض معارضة تدمير هذه القرية وسواها يستند إلى هموم مالية نبّه يتسحاق غفيرتس، مديرة دائرة أملاك الغائبين في مكتب الوصاية على الأملاك المهجورة (من مكاتب وزارة المالية)، شيتريت إليها. وكان غفيرتس ذكر، في رسالة بعث بها إلى شيتريت، أنه مستعد للقبول بسملّمة أننا لا نريد أن يعود العرب إلى هذه القرى))، ثم شر يبيّن خلاصة الهموم المالية. فقد أثار التساؤلات بشأن التدمير الأعشى الذي لم يترك مجالاً لإنقاذ الأبواب وأُطر النوافذ والقرميد وسوى ذلك من مواد البناء التي يمكن الإفادة منها. وقد وافق رئيس الحكومة دافيد بن-غوريون، وقتها، على التحقيق في الأمر. لكن نتائج التحقيق لم يؤت إلى ذكرها.

القرية اليوم

تختلط الأنقاض وحيطان المنازل المتداعية بأبنية المستعمرتين الإسرائيليتين اللتين أُقيمتا في الموقع ويستعمل ما كان حوضاً للماء مكبّا للنفايات. وما زال بعض المنازل قائماً. أحد المنازل- ويقيم فيه سكان يهود- مبني بالحجارة؛ وهو متوسط الحجم وتبرز العوارض التي تدعم سقفه المسطح من خلال حيطانه الخارجية. ويستعمل منزل آخر مطعماً. ولا يزال قسم من المدرسة، وهي بناء متطاول مستطيل النوافذ والأبواب، قائماً. وثمة سياج من الصبّار وشجر الجميز وبضع شجرات نخيل في الطرف الجنوبي من الموقع.

المغتصبات الصهيونية على اراضي القرية

أنشأ الصهيونيون مستعمرة غيئاليا في موقع القرية سنة 1948. وأُنشئت كفار غفيرول في الموقع أيضاً- وربما كان ذلك في الوقت نفسه- كمنطقة سكن ريفية. أمّا كفار هنغيد، التي أُنشئت في سنة 1949، فهي قريبة من الموقع، وعلى أرض كانت تابعة لقرية يبنة المجاورة.

المصدر:
كتاب كي لا ننسى، وليد الخالدي
www.palestineremembered.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *