كانت القرية تقوم على الطرف الشمالي للهضاب الرملية الساحلية التي تمتد في موازاة البحر الأبيض المتوسط وكان وسط القرية يقع في رقعة أرض مستوية نسبيا لكن بعض منازل القرية كان ينهض على أرض متعرجة بالقرب من الهضاب وكان زحف الرمل يمثل مشكلة خطرة حتى الأربعينات حين نجح السكان في تثبيت الكثبان وذلك ببناء المنازل وزرع الأشجار في الِأماكن الملائمة وكانت تقع إلى الغرب مباشرة من الطريق العام الساحلي وخط سكة الحديد لذا فقد كانت ترتبط بالمراكز المدنية إلى الشمال والجنوب وكانت طرق فرعية تربطها بالقرى المجاورة. ويبدو أن قرية بالاسم نفسه كانت موجودة في ذلك الموقع خلال الاحتلال الروماني لفلسطين ويقول الجغرافي العربي مجير الدين الحنبلي (توفي سنة 1522 )إن القرية كانت مسقط رأس الشيخ يوسف البر براوي هو عالم محلي وتلميذ العالم الشهير أحمد بن داود الذي توفي سنة 1323 في سنة 1596 كانت بربرة قرية في ناحية غزة وعدد سكانها 402.
في أواخر القرن التاسع عشر كانت القرية مستطيلة الشكل تحيط بها حدائق عدة وبركتان أما الرمال الزاحفة من الشاطئ فكان يصدها سياج من نبات الصبار في الحدائق وفي الشرق كانت توجد بساتين من شجر الزيتون وكانت منازل بربرة المبنية بالطوب مفصولة بعضها عن بعض بأزقة رملية. وكان سكانها من المسلمين لهم مسجد قديم وسط القرية شيد خلال عهد السلطان العثماني مراد الثالث وكان يضم ضريح الشيخ يوسف البربراوي المذكور أعلاه. وبالإضافة إلى المسجد كان في وسط القرية عدد من الدكاكين ومدرسة ابتدائية ؟أسست في سنة 1921 كانت تضم 252 تلميذا في سنة 1947 .
كانت الأراضي الزراعية تحيط بالقرية من جوانبها كافة وكان عنبها الذي كان يعتبر من أفضل الأعناب في فلسطين يباع في الكثير من بلدات الساحل وقراه. وبالإضافة إلى ذلك كان سكانها يزرعون اللوز والتين والزيتون والحمضيات والغوافة والبطيخ والشمام والحبوب وكانت أشجار الفاكهة تتركز في القسم الغربي من القرية والحبوب في القسم الشرقي منها كان ما مجموعه 132 دونما مخصصا للحمضيات والموز و9613 دونما للحبوب و2952 دونما مرويا أو مستخدما للبساتين وكانت الزراعة في معظمها بعلية وقد حفر بعض الآبار على عمق 35-40 مترا لري أشجار الحمضيات والخضروات. وكانت بربرة مشهورة أيضا بالبسط الطويلة (المزاود) التي كانت تحيكها النسوة.
إحتلال القرية وتطهيرها عرقيا ة
كانت بربرة شهدت اشتباكات منذ الأسابيع الأولى من الحرب. ففي النصف الأول من كانون الثاني / يناير 1948أطلق أشخاص من باص يهودي كان يمر بالقرية النار على سكانها من دون أن تقع أية ضحايا وعند الساعة السابعة من صباح 12 كانون الثاني/ يناير, بحسب ما جاء في تقرير أوردته صحيفة(فلسطين) أطلقت النار على القرية وكسر الزجاج في المدرسة (الخالية). وحدث هجوم آخر في نيسان \ أبريل 1948 ورد ذكره في أحد تقارير القائد السوداني للقوات العربية غير النظامية في منطقة غزة طارق الإفريقي, فعندما كان سكان القرية يعملون في حقولهم في 10 نيسان \أبريل تعرضوا لنيران أطلقتها القرية عليهم سكان مستعمرة يهودية مجاورة فجرح أحدهم وقد رد المدافعون عن القرية على النار فدارت معركة استمرت ساعتين. ولم تذكر التقارير سقوط ضحايا بين سكان القرية الذين قالوا أنهم شاهدوا أفراد القوات اليهودية يحملون قتلاهم وجرحاهم خلال انسحابهم.
خلال الهدنة الثانية في الحرب وافقت الحكومة الإسرائيلية على خطة تهدف إلى ربط القوات الإسرائيلية في النقب بالقوت المتمركزة إلى الشمال منها, في المنطقة الواقعة جنوبي الرملة. وكانت هذه العملية تدعى في البدء عملية الضربات العشر لكن سميث لاحقا عملية يوآف وقد سقطت بربرة خلال هذه العملية(أنظر أيضا دمرة إسدود وحمامة في قضاء عزة, وبيت حبرين في قضاء الخليل).
ومن أجل الشروع في عملية يوآف حشد الجيش الإسرائيلي ألوية غفعاتي وههيغف (النقب)ويفتاح في المنطقة الداخلية التي كانت سقطت في يده إلى الشرق من الشاطئ القطاع الساحلي حتى إسدود شمالاً وما أن انتهت الهدنة الثانية في 15 تشرين الأول\ أكتوبر, حتى تحرشت القوات الإسرائيلية بالقوات المصرية لتجعلها تطلق النار على قافلة تموين إسرائيلية ومن ثم قامت بقصف مدفعي عنيف وبغارات جوية. وكتب المؤرخ الإسرائيلي بني موريس يقول إن الجيش الإسرائيلي استخدم, بغية (تليين) القرى قبل احتلالها المدفعية على نطاق أوسع كثيرا من أي هجوم سابق بالإضافة إلى غارات جوية بالقاذفات والقاذفات المقاتلة.
في 15 تشرين الأول\ أكتوبر, أوردت وكالة يونايتد برس غنترناشول خبرا, بالإضافة إلى غزة والمجدل وقد أطلقت الطائرات النار على بربرة وقصفها في اليوم ذاته. ومع نهاية العملية, تمكنت القوات الإسرائيلية من الانتصار على القوات المصرية على الجبهة الجنوبية واحتلت معظم قرى قضاء غزة. في ذلك الوقت كان النشاط العسكري الإسرائيلي قد (أدخل اليأس إلى نفوس السكان) بحسب ما قال ضابط استخبارات إسرائيلية آنئذ وقد ترك القصف المدفعي والقصف الجوي أثراهما في نفوس السكان في منطقة لم تكن مستعدة نفسياً ولم تكن فيها أي ملاجئ ضد الغارات الجوية.
وسقطت بربرة عند نهاية هذه العملية في 4-5 تشرين الثاني\ نوفمبر 1948 بعد سقوط المجدل بقليل. أما السكان فقد طردوا منها, أو فروا تحت وطأة نيران الحرب.
القرية اليوم
لم يبق منها سوى الحيطان المتداعية وركام المنازل المغطى بالأشواك والعوسج وتنمو في الموقع أيضا أشجار الكينا والجميز الكبيرة فضلا عن نبات الصبار ولا يزال بعض أزقتها القديمة واضح المعالم. وتستخدم رقعة من موقعها مكبا للنفايات وللسيارات المحطمة. أما الأراضي المجاورة, فيزرعها المزارعون الإسرائيليون ذرة.
المغتصبات الصهيونية على اراضي القرية
بنيت مستعمرتان على أراضي القرية. فقد أقيمت مستعمرة مفكيعيم (110114) في 12 كانون الثاني/ يناير 1949 إلى الجنوب من القرية مباشرة وذلك لمنع سكانها من العودة. أما تلمي يافي (113114) التي أقيمت في سنة 1950 فهي إلى الجنوب الشرقي من الموقع. وبنيت مستعمرة غيئا (112115)في السنة ذاتها إلى الشمال الشرقي من الموقع وهي قريبة من أراضي القرية, لكن عليها وإنما على أراضي قرية الجية المجاورة.
المصدر:
كتاب كي لا ننسى، وليد الخالدي
www.palestineremembered.com