كانت القرية تنهض على رابية صغيرة في منطقة قليلة الارتفاع إلى جوار السهل الساحلي, وتربطها طرق فرعية بطريقين عامين: احدهما يتجه شمالا والآخر يتجه جنوبا ويفضي إلى المجدل على الطريق العام الساحلي. وكانت بيت عفا من منزل الفالوجي الشيخ المتصوف المعروف الذي هاجر من العراق إلى فلسطين في القرن الرابع عشر ميلادي وذلك قبل أن ينتقل إلى القرية التي أصبحت تعرف باسم الفالوجة (أنظر الفالوجة, قضاء غزة)وعدد سكانها 143 نسمة. وكانت تدفع الضرائب على عدد من الغلال كالقمح والشعير والفاكهة, بالإضافة علىعناصر أخرى من الإنتاج والمستغلات كالماعز وخلايا النحل وكروم العنب.
في أواخر القرن التاسع عشر كانت بيت عفا قرية متوسطة الحجم ومبنية بالطوب وكان سكانها من المسلمين وفيها مقام لرجل يعتقد سكانها أنه النبي صالح. وجاء في القرآن الكريم (سور الأعراف الآية 75 والشعراء الآيتان 142-143 والنمل الآية 45 ) أن صالحا بعث نذيرا لأقوام في الشمال الغربي من الجزيرة في غابر الأيام. وكان ثمة مقام أخر مشهور للنبي صالح في مدينة الرملة. وكانت القرية تعتمد على الفالوجة وهي قرية كبيرة إلى الجنوب الشرقي منها للحصول على الخدمات التجارية والتربوية وكان سكانها في معظمهم يعملون في الزراعة البعلية, فيزرعون الحبوب والعنب في 1944\1945 كان ما مجموعه 5657 دونما مخصصا للحبوب و14 دونما مرويا أو مستخدما للبساتين. وكان بعض سكانها يربي المواشي ويرعاها في المراعي الواقعة بين بيت عفا وكوكبا, الواقعة إلى الجنوب الغربي. وكانت بيت عفا مبنية في موقع سكني قديم. وقد أشار علماء وادي الرانة. وكان ثمة خربة تقع في أراضيها وتضم بقايا مبنية بحجارة غير مقطعة وبئرا وأعمدة.
إحتلال القرية وتطهيرها عرقيا
استنادا الى تقرير صحافي نشر في صحيفة(فلسطين) فان وحدة من الميليشيات الصهيونية دخلت القرية في منتصف ليل 27 كانون الثاني\ يناير 1948 وحاولت زرع الألغام في بعض المنازل النائية غير أن حرس القرية انتبهوا لوجود المتسللين فجرى اشتباك دام ساعتين, الأمر الذي أجبر المهاجمين على الانسحاب إلى مستعمرة نيغبا.
ثمة روايات متضارب في شأن احتلال قرية بيت عفا ويبدو أن القرية تنقلت بين أيدي المتحاربين مرتين على الأقل في أثناء الحرب. ويقول المؤرخ الإسرائيلي بني موريس إنها احتلت في 14-15 تموز\ يوليو 1948 , خلال الفترة المعروفة ب(الأيام العشرة) ما بين هدنتي الحرب. واستنادا إلى موريس فإن وحدات تابعة للواء غفعاتي استولت على القرية في أثناء المرحلة الثانية من عملية هجومية, وسع اللواء بعدها رقعة انتشاره إلى الجنوب حتى مشارف النقب وهذا يطابق ما جاء في تقرير لصحيفة (نيورك تايمز) وفحواه أن القرية احتلت في 15 تموز \يوليو.
غير أن كتاب (تاريخ حرب الاستقلال) يورد أن القرية كانت في يد الاسرائيلين في 9 تموز \ يوليو أي بينما كانت الهدنة الأولى تشارف على الانتهاء. وكانت تحتلها فصيلة من الكتيبة الثانية في لواء غفعاتي. لكن الجيش المصري احتلها في ذلك التاريخ, بعد أن مارس (ضغوطا استمرت حتى الصباح) وجاء في رواية الهاغاناه أن الكتيبة الرابعة في اللواء المذكور حاولت احتلال القرية من جديد بعد ذلك بأسبوع أي في 17- 18 تموز \يوليو لكنها أخفقت على الرغم من أنها كانت معززة بإنزال بحري. وتضيف الرواية ( أن المصريين كانوا يعلمون تمام العلم أهمية هذه القرية الحيوية, ولذلك حصنوها تحصينا جيدا) غير أن الكاتب المصري محمد عبد المنعم يقول إن احتلال إسرائيل للقرية تم بعد ذلك بيومين أي خلال ليل 10-11 تموز\ يوليو, عندما انتزعت القرية من أيدي المجاهدين الفلسطينيين المؤكل إليهم الدفاع عنها. ويضيف عبد المنعم أن القوات المصرية النظامية استعادت القرية صباح اليوم التالي(11 تموز\يوليو). ويؤكد ذلك تقرير نشرته صحيفة (نيورك تايمز) وجاء فيه أن بيت عفا سقطت أولا في يد الاسرائيلين في 9 تموز\يوليو, ومعها عراق سويدان وعبدس, وأن القوات العربية استعادتها في اليوم التالي. وبعيد هذه المعركة زعم الإسرائيليون أنهم قتلوا 300 من الجنود المصريين والسودانيين وأنهم أسروا 200 آخرين.
على الرغم من الفوارق الطفيفة في هذه التواريخ فإن الرواية الأخيرة التي جاء فيها أن الاسرائيلين احتلوا القرية ثم فقدوها خلال (الأيام العشرة) الفاصلة بين الهدنتين, تبدو أولى بالتصديق. ومن المرجح أن تكون بيت عفا سقطت في يد الاسرائيلين في النصف الثاني من تشرين الأول\ أكتوبر, خلال عملية يوآف (أنظر بربرة, قطاع غزة). لكن من المرجح أن يكون سكانها طردوا منها في زمن الاحتلال الأول.
القرية اليوم
لم يبق من منازلها ولا يميز الموقع سوى أشجار الجميز والخروب ونبات الصبار وتزرع الفاكهة وخصوصا الحمضيات في الأراضي المجاورة التي ترويها مياه مستمدة من نهر الأردن بواسطة قناة.
المغتصبات الصهيونية على اراضي القرية
أقيمت مستعمرة ياد ناتان بالقرب م موقع القرية في سنة 1953 على أراضي قرية عراق سويدان إلى الشمال الغربي من بيت عفا.