تل الصافي

كانت القرية تنتصب على قمة تل يرتفع عن سهل نحو 100 متر، على الطرف الجنوبي لوادي عجّور، في السفوح الغربية لجبال الخليل. وكانت طريق فرعي تصلها بالطريق العام الممتد بين المجدل وطريق القدس-يافا العام الذي كان يمر إلى الشمال الغربي منها.
تعتبر تل الصافي من المواقع الفلسطينية الكثيرة التي كانت آهلة منذ عهد سحيق؛ فهي بقيت آهلة منذ الألف الثالث قبل الميلاد حتى سنة 1948. في سنة 1899، جرت أعمال تنقيب محدودة في الموقع لحساب صندوق اكتشاف فلسطين، فاستخرجت قطع فخارية فلسطينية قديمة. ويشير هذا الدليل، فضلاً عن غيره، إلى ان تل الصافي كانت قائمة في موقع مدينة جتّ الفلسطينية القديمة؛ وهي تظهر في خريطة مادبا (من القرن السادس قبل الميلاد) تحت اسم صافيتا. وقد شُيد فيها، أيام الصليبيين، حصن دمره صلاح الدين الأيوبي لاحقاً. وكان الصليبيون يدعونها بلانش غارد (Blanch Gard) (الحراسة البيضاء) إشارة، في أغلب الظن إلى طبقة الصخر الأبيض الناتئة في الركن الشرقي من التل. وكاد ريتشارد قلب الأسد (Richard the Lion-Heart) يُؤسر في أثناء تفقده عساكره بالقرب منها. وقد وصفها الجغرافي العربي ياقوت الحموي (توفي سنة 1229) بأنها حصن قرب بيت جبرين، من نواحي الرملة. وذكر المؤرخ المقدسي مجير الدين الحنبلي (توفي سنة 1522) أن تل الصافي كانت من قرى غزة. في سنة 1596، كانت تل الصافي قرية في ناحية غزة، وعدد سكانها 484 نسمة. وكانت تؤدي الضرائب على عدد من الغلال كالقمح والشعير والفاكهة والسمسم، بالإضافة إلى عناصر أخرى من الانتاج كالماعز وخلايا النحل.
في أواخر القرن التاسع عشر كانت تل الصافي قرية مبنية بالطوب، ولها بئر في الوادي الواقع إلى الشمال منها. وكانت منازلها، المبنية بالحجارة المتماسكة بملاط من الطين، تنتشر على جوانب الطرق المتداخلة داخل القرية وخارجها، متخذة شكل نجم.
كانت سكان تل الصافي من المسلمين، ولهم فيها سوق ومسجد ومقام لولي محلي يدعى الشيخ محمد. وكانوا يستمدون المياه للاستعمال المنزلي من بئر. أمّا مورد المواشي، ولا سيما الغنم والماعز. وكانت الأراضي الزراعية وعرة في مواضع ومستوية في مواضع أخرى، تُزرع فيها الحبوب والخضروات والفاكهة، كالعنب والتين واللوز. وكانوا يستنبتون الزيتون في 521 دونماً. في سنة 1944، كان ما مجموعه 19716 دونماً مخصصاً للحبوب، و696 دونماً مروياً أو مستخدماً للبساتين. وقد اشتملت الآثار التي وُجدت في تل الصافي على بقايا حصن صليبي، وحيطان، ومدافن، وكهف، وحجارة منحوتة.

إحتلال القرية وتطهيرها عرقيا 

كانت القرية هدفاً مركزياً في عملية أن ؟فار التي شنّت في الفترة الفاصلة بين هدنتي الحرب (8-18 تموز/يوليو 1948) ففي 7 تموز/يوليو 1948، أصدر قائد لواء غفعاتي، شمعون أفيدان، أوامرة إلى الكتيبة الأولى بأن تستولي على منطقة تل الصافي ((وتطرد اللاجئين المخيمين فيها لمنع تسلل العدو من الشرق إلى هذا الموقع المهم)). وقد تم احتلال الموقع في 9-19 تموز/يوليو. وخلص تقرير للجيش الإسرائيلي، استشهد به المؤرخ الإسرائيلي بِني موريس، إلى أن الاستيلاء على تل الصافي قضى كلياً على معنويات سكان القرى المجاورة.

القرية اليوم

تغطي النباتات البرية- ولا سيما ذيل الفار والشوك- الموقع، ويتفرق في أنحائه نبات الصبار وبعض أشجار النخيل والزيتون. وثمة بقايا بئر وحيطان بركة متداعية. أمّا الأراضي المجاورة، فيستنبت المزارعون الإسرائيليون فيها الحمضيات ودوّار الشمس والحبوب. ويضرب قوم من البدو خيامهم في الجوار أحياناً.

المغتصبات الصهيونية على اراضي القرية

لا مستعمرات إسرائيلية على أراضي القرية

المصدر:
كتاب كي لا ننسى، وليد الخالدي
www.palestineremembered.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *