كانت القرية مبنية على المنحدرات الغربية من الجزء الجنوبي لجبل الكرمل، وتشرف على السهل الساحلي المحيط ببلدة الصرفند. وكان الطريق العام الساحلي يمر على بعد 1.5 كلم إلى الشرق من القرية. وقد ذهب البعض إلى أن جبع تقوم في موقع بلدة غباتا (Gabata) الرومانية
في سنة 1596، كانت جبع قرية في ناحية شفا (لواء اللجون)، وكان عدد سكانها تسع وتسعين نسمة. وكانت تدفع الضرائب على عدد من الغلال كالقمح والشعير، بالإضافة إلى عناصر أُخرى من الإنتاج كالماعز وخلايا النحل [Hut.and Abd: 158]. في أواخر القرن التاسع عشر، كانت جبع تشتمل على بستان زيتون وبئر ذات مرفاع وأحواض تُسقى منها المواشي. وكان سكانها، وعددهم 150 نسمة تقريباً، يزرعون 18 فداناً من الأرض (الفدان= 100 ؟ 250 دونماً).
في العصر الحديث امتدت القرية على محور شمالي ؟ جنوبي، وبنى سكانها المسلمون منازلهم بالحجارة، وأنشأوا فيها مدرسة ابتدائية للبنين في سنة 1885. كان اقتصاد القرية يعتمد اعتماداً أساسياً على تربية المواشي وعلى الزراعة، وكان القمح والخضروات أهم المحاصيل. وكان سكانها ينتجون الزيتون أيضاً، ويستخرجون الزيت منه بواسطة معصرة يدوية. في 1944/1945، كان ما مجموعه 4207 من الدونمات مخصصاً للحبوب، و450 دونماً مروياً و مستخدماً للبساتين. ومن الشواهد على قِدم القرية بقايا فسيفساء، وقبور منحوتة في الصخر، وآثار معمارية أُخرى. في سنة 1930 اكتُشفت عند مدخل ووادي المغارة، الواقع على بعد أقل من 2كلم شمالي القرية، كهوف تحتوي على دلائل تشير إلى أنها كانت آهلة في عصور ما قبل التاريخ.
إحتلال القرية وتطهيرها عرقيا
اول هجوم على جبع توفرت التقارير عنه هو ذاك الذي شنته قوة كبيرة من الجنود الصهيونيين، عصر اليوم الواقع في 26 شباط/ فبراير 1948. وكانت ((نيويورك تايمز)) ذكرت يومها أن ((الجنود الذين وصلوا في باصَين مصفحين سرعان ما أطلقوا النار وأغاروا على منزل وخرّبوا ما فيه قبل مغادرته)). وكان سبق هذا الهجوم بيوم واحد غار استكشافية. كذلك كانت صحيفة ((فلسطين)) أوردت نبأ فحواه أنه بينما كانت عربة مصفحة تجتاز جبع، في 25 شباط/فبراير، أطلق ركابها النار على اثنين من السكان. ولم يُعلن وقوع إصابات في أي من الهجومين المذكورين، إلاّ أن أربعة أشخاص جُرحوا في هجوم نُفذ بالقرب من جبع في 5 آذار/مارس. فقد جاء في بلاغ رسمي بريطاني أن مركبة يهودية مصفحة أطلقت النار، في الساعة الثامنة والدقيقة الثلاثين صباحاً، على باصَين للعرب قرب القرية، وأن ممرضة وُجدت بين الجرحى. ومع أن جبع ظلت محاطة بالأنشطة المعادية طوال الأسابيع التي تلت، لكنها لم تُحتل إلا بعد أربعة أشهر، حتى الهدنة الثانية [.
سقطت جبع جرّاء واحدة من أعنف العمليات الإسرائيلية التي نُفّذت خلال الهدنة الثانية. وكانت في النصف الثاني من تموز/يوليو 1948 جزءاً من أكبر الجيوب غير المحتلة، الواقعة ضمن الأراضي التي يسيطر الإسرائيليون عليها. واستناداً إلى ((تاريخ حرب الاستقلال))، فإن قوة خاصة، قوامها أربع فصائل اختيرت من ألوية غولاني وكرملي وألكسندروني، شُكلت في 24 تموز/يوليو لمهاجمة القرية.
بقيت القرى الثلاث، التي يتكون الجيب المذكور منها (جبع وإجزم وعين غزال)، صامدة منذ 15 أيار/ مايو 1948. وكان المدافعون عنها قد صدّوا هجومين سابقين، مع استمرارهم في قطع خطوط الإمداد الإسرائيلية على الطريق الساحلي إلى الجنوب من حيفا. إلاّ أن القرى الثلاث عُزلت كلياً عن المساندة العسكرية العربية، في أثناء الهجوم الثالث، مع أنها كانت على اتصال لاسلكي بالقوات العراقية في طولكرم، فضلاً عن استخدام السعاة، بحسب ما ذكر ((تاريخ حرب الاستقلال)). وقد صُدّت الغارة الإسرائيلية الأولى التي شُنت في 24 تموز/يوليو، لكن الإسرائيليين بدأوا في اليوم التالي قصفاً مدفعياً وجوياً عنيفاً، إلى أن تمكنوا أخيراً من دخول القرى الثلاث ليلة 25-26 تموز/يوليو. وأُكره السكان على المغادرة أو فرّوا شرقاً صوب وادي عارة، استناداً إلى موريس الذي يضيف أن بعض النازحين تعرض لنيران القوات الإسرائيلي.
حققت الأمم المتحدة في الأوضاع التي رافقت احتلال ((المثلث الصغير))، واستنتجت أنه ((مع إتمام الهجوم … أُجبر جميع سكان القرى الثلاث على إخلاء قراهم)). وقد تباينت تقديرات الخسائر؛ فبينما اعترف الإسرائيليون بأسر أربعة أشخاص فقط من جبع، ذكر الأمين العام لجامعة الدول العربية أن كثيرين من الأشخاص أُسروا، وقتل كثيرون غيرهم في القرى الثلاث. وأعلنت الأمم المتحدة أن ثمانية آلاف شخص أصبحوا بلا مأوى جرّاء الهجوم، وأنهم نُقلوا إلى منطقة جنين. ولم يجد مراقبو الأمم المتحدة أي دليل على حدوث مجزرة، ولم يكتشفوا إلاّ جثتين في القرى الثلاث. لكن محققي الأمم المتحدة صرّحوا، في أيلول/سبتمبر، أن 130 قروياً باتوا في عداد الموتى أو المفقودين. وذكرت المصادر الإسرائيلية أن القرويين أُجبروا على دفن 25-30 جثة محترقة ف عين غزال، زاعمة أن الجثث كانت في حال متقدمة من التعفّن.
وبحسب تحقيق الأمم المتحدة، فإن جبع دُمّرت تدميراً منظماً بعد احتلالها. وقال وسيط الأمم المتحدة، الكونت فولك برنادوت (Folke Bernadotte)، أمام مجلس الأمن في أيلول/سبتمبر: ((إني أميل بقوة إلى الرأي القائل إن الإجراءات التي اتخذت، ومنها تدمير قريتين من القرى (جبع وعين غزال)، تجاوزت كل الأعراف وشكلت خرقاً لروح ونص شروط الهدنة)). كذلك نقلت صحيفة ((نيويورك تايمز)) عن برنادوت قوله إن حكومة إسرائيل المؤقتة أخبرته أنها ستعمل ما في وسعها لتردّ إلى سكان القرى الثلاث حقوقهم، وأنها سترمّم على نفقتها الخاصة جميع المنازل المتضررة أو المهدمة. لكن هذا الوعد لم ينجز قط .
القرية اليوم
تشاهَد أكوام من ركام الحجارة في الموقع. ولا يزال المقام منتصباً على جزء مرتفع منه. وتنمو غابات الصنوبر في الأرض المجاورة، المسيّجة بالأسلاك الشائكة. وثمة حول القرية بقايا قبور، ويستخدم الإسرائيليون جزءاً من الموقع مرعى للمواشي.
المغتصبات الصهيونية على اراضي القرية
في سنة 1949، أنشأت إسرائيل مستعمرة غيفغ كرميل على أراضي القرية؛ وهي تبعد نحو كيلومتر عن موقع القرية.