دانيال

كانت القرية قائمة على رقعة مستوية من الأرض في السهل الساحلي الأوسط. وكانت طريقان فرعيتان تربطانها باللد والرملة، كما كانت دروب ترابية تربطها ببضع قرى مجاورة. والقرية مسماة باسم النبي دانيال، من أنبياء العهد القديم من الكتاب المقدس. ولم يكن من النادر أن يجل الفلسطينيون المسلمون أمثال هؤلاء الأنبياء ببناء المقامات لهم؛ فقد كان ثمة مقام لنبي موسى، مثلاً، جنوبي أريحا، غير بعيد عن المكان الذي قيل أنه دفن فيه. وكان بعض هذه المقامات بُني فوق ما يفترض أنه ضرائح هؤلاء الأنبياء أو مساقط رؤوسهم، بينما بني بعضها الآخر تخليداً لذكرى ظهور أحد الأنبياء في المنام لبعض المؤمنين المحليين.
في أواخر القرن التاسع عشر، وصفت بعثة المهندسين البريطانيين الملكية القرية بأنها صغيرة، ومبنية حول مقام النبي دانيال. وكان سكان القرية كلهم من المسلمين. وكانت منازلهم، المبنية بالطوب أو بالحجارة، مرتبة على محور شرقي غربي بشكل مستطيل يتوسطه بعض الدكاكين. في الأعوام الأخيرة من عهد الانتداب، تزايدت حركة بناء المنازل وتوسعت القرية، لكنها ظلت على شكلها الأصلي. وكان في دانيال مدرسة ابتدائية بلغ عدد تلامذتها خمسة وأربعين تلميذاً وقت تأسيسها في سنة 1945. وكان سكان القرية يتزودون مياه الشرب من بئر فيها، ويعنون بالزراعة البعلية التي اشتملت على القمح والزيتون والحمضيات. في 1944/1945، كان ما مجموعه 2599ت دونماً مخصصاً للحبوب، و37 دونماً مروياً أو مستخدماً للبساتين.

إحتلال القرية وتطهيرها عرقيا 

استناداً إلى ((تاريخ حرب الاستقلال)) دخلت وحدات من لواء يفتاح القرية في 10 تموز/يوليو 1948، في سياق المرحلة الأولى من عملية داني. وقد فرّ السكان، أو طُردوا، في أثناء القتال. ثم مضت القوات نفسها لمهاجمة اللد والرملة في اليوم التالي. كما احتُلّت جمزو في الوقت نفسه لأن هاتين القريتين كانتا، بحسب ما كتب مراسل صحيفة (نيويورك تايمز)، (تشكلان، إلى حد ما، غطاء لمنطقة اللد والرملة).
أدرج رئيس الحكومة الإسرائيليةن دافيد بن-غوريون، هذه القرية في جملة القرى الأربع عشرة المزمع تدميرها جزئياً. وقد ذكرها في الطلب الذي تقدم به، في 13 أيلول/سبتمبر 1948، من لجنة وزارية خاصة تشرف على أنشطة الهدم والاستيطان. ولا يذكر المؤرخ الإسرائيلي بني موريس متى حدث التدمير، أو هل حدث فعلاً أم لا.

القرية اليوم

لم يبق من القرية إلا مقام النبي دانيال، والمدرسة، وسبعة منازل جيدة البناء. أما المقام، وهو مهجور بين الأعشاب البرية وبعض الأشجار، فمبني بالحجارة وله شرفة ونافذة مستطيلة الشكل، بينما للطبقة الأرضية نوافذ وأبواب مقوسة الأعلى. وأما المدرسة فيستعملها الآن سكان كفار دانيئيل، والمنازل كلها مبنية بالحجارة، وكلها مسطحة السقوف، وفيها خليط من الأبواب والنوافذ المستطيلة والمقوسة. أحد المنازل يستعمل مخزناً. وينبت الصبار وشجر السرو والزيتون وشوك المسيح في أرجاء الموقع، وكذلك شجر الخروع. ويشاهد في الموقع أيضاً منازل المستعمرة الإسرائيلية. أما الأرض المحيطة بالموقع، فيزرعها الإسرائيليون.

المغتصبات الصهيونية على اراضي القرية

في سنة 1949، أُنشئت مستعمرة كفار دانيئيل في موقع القرية.

المصدر:
كتاب كي لا ننسى، وليد الخالدي
www.palestineremembered.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *