دير طريف

كانت القرية تقع في أرض غير مستوية، على طرف السهل الساحلي، وتبعد نحو ثلاثة كيلومترات إلى الشرق من مطار اللد. وكانت شبكة من الطرق تسهل على دير طريف الاتصال بالمدن والقرى المحيطة. كما كانت تقع في جوار طريق عام يتجه شمالاً إلى طولكرم، فضلاً عن كونها واقعة إلى الشرق من مثلث طرق عامة تصل ما بين اللد والعباسية ويافا. وعزّز اتصال القرية بمناطق المدن وصلة كانت تربط ما بينها وبين خط سكة الحديد الممتد من الشمال الشرقي إلى الجنوب الغربي. وقد عُد موقع القرية مطابقاً لموقع بيثاريف (Bethariph)، الذي كان معروفاً أيام الرومان. في سنة 1596، كانت دير طريف قرية في ناحية الرملة (لواء غزة)، وعدد سكانها 270 نسمة. وكانت تؤدي الضرائب على عدد من الغلال كالقمح والشعير والسمسم والفاكهة، بالإضافة إلى عناصر أُخرى من الإنتاج والمستغلات كالماعز وخلايا النحل وكروم العنب.
في أواخر القرن التاسع عشر، كات دير طريف مزرعة صغيرة على طرف أحد السهول. وكانت على شكل شبه المنحرف، ومنقسمة إلى نصفينن نصف شرقي ونصف غربي، تفصل أرض بائرة بينهما. وكان معظم منازلها مبنياً بالطوب. وقد تسارع بناء المنازل في أواخر فترة الانتداب تقريباً، ولا سيما في النصف الشرقي من القرية. وكان سكان دير طريف في معظمهم من المسلمين، ولهم فيها مسجد يصلّون فيه وبضعة متاجر ومدرسة ابتدائية أُسست في سنة 1920، وكان يؤمها 171 تلميذاً في سنة 1947. أما الزراعة فكانت بعلية ومروية، وكانت مياه الري تستمد من عدة آبار ارتوازية حُفرت في جانبي القرية الجنوبي والشمالي الغربي. في 1944/1945، كان ما مجموعه 1410 من الدونمات مخصصاً للحمضيات والموز، و5981 دونماً للحبوب، و486 دونماً مروياً أو مستخدماً للبساتين. وكانت القرية مبنية على هضبة تغطي موقعاً رومانياً، وُجدت فيه آثار أبنية دارسة وبقايا مصنوعات قديمة.

إحتلال القرية وتطهيرها عرقيا 

أول هجوم على القرية مدوّية ذكرته صحيفة ((فلسطين))، التي قالت إن القوات اليهودية استخدمت طائرة لإلقاء القنابل على دير طريف في 14 نيسان/أبريل 1948. وقد أدت هذه الغارة الجوية إلى جرح خمسة أشخاص، بينهم طفل في الثانية من عمره.
احتُلت القرية مرتين في سياق عملية داني. وكانت أول مرة حين استولت وحدات من اللواء المدرع وكتيبة مشاة من لواء كرياتي على القرية في 9 تموز/يوليو 1948، عند بداية العملية. لكن ما أن دخلت الوحدات الإسرائيلية القرية حتى أُرغمت على الانسحاب من جراء ((هجوم مضاد عنيف)) شنّه الجيش العربي الأردني؛ وذلك استناداً إلى ((تاريخ حرب الاستقلال)). ويذكر المصدر نفسه أنه بعد يومين، أي في 11 تموز/يوليو، نجحت كتيبة المغاوير التاسعة من اللواء المدرع في احتلال مواقع محيطة بدير طريف، وفي دحر المدافعين عنها من الجيش العربي في اتجاه قرية بدرس. وبذلك تم الالتفاف حول دير طريف موقتاً، لكنها احتلّت ثانية بُعيد ذلك- في أرجح الظن- عند الإعداد للهجوم على مدينتي اللد والرملة. ويشير المؤرخ الإسرائيلي بني موريس إلى أن سكان القرية هُجروا من جراء الهجوم الإسرائيلي في 10 تموز/يوليو. وهذا موافق لما جاء الهجوم لصحيفة ((نيويورك تايمز)) ذكر أن القرية احتُلت في وقت ما بعد محاولة عربية للاستيلاء على ويلهلما؛ هي مستعمرة زراعية أسسها رهبان تمبلار (Templars) الألمان (الهيكليون) قبل الحرب العالمية الأولى. وقد وقعت دير طريف أخيراً في قبضة الإسرائيليين في 13 تموز/يوليو، بعد قتال شديد دار حولها وحول جارتها بيت نبالا.

القرية اليوم

تتناثر أنقاض المنازل المدمرة وحطامها في أرجاء الموقع، الذي اكتسحته الأشواك وغيرها من النباتات البرية. وما زال بعض شجرات الزيتون والسرو القديمة قائماً هنا وهناك. أما بناء المدرسة فيستعمل اسطبلاً، بينما يزرع الإسرائيليون القطن والحمضيات في الأراضي المحيطة.

المغتصبات الصهيونية على اراضي القرية

أنشأت إسرائيل مستعمرة بيت عريف على أنقاض القرية في سنة 1949. أما مستعمرة كفار ترومان فتقع غربي الموقع، لكن لا على أراضي القرية.

المصدر:
كتاب كي لا ننسى، وليد الخالدي
www.palestineremembered.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *