كانت القرية تقع على جانب تل واسع ينحدر انحداراً خفيفاً نحو الشرق. وكانت تواجه مرتفعات الجولان، وتشرف على وادي الأردن. وكان ثمة ينابيع عدة إلى الشمال الغربي، على امتداد وادي الغارة. وكانت طريق ترابية تصل الزنغرية بطريق صفد- طبرية العام. وقد أطلق هذا الإسم عليها تيمناً بعرب الزنغرية من البدو، الذين كانوا أول من استخدم الموقع مضرباً لخيامهم ثم توطنوا فيه بالتدريج. أما الاسم الآخر، زُحْلُق فلعله منقول من كون السفح الذي كانت مبنية عليه عرضة لانزلاق الأرض. وكانت منازل الزنغرية، المبنية بالطين والحجارة، تنقسم إلى مجموعتين: واحدة في الشرق (تعرف بالزنغرية الشرقية)، وواحدة في الغرب (الزنغرية الغربية)، تفصل بينهما مسافة 275- 365 متراً. وكان سكانها في معظمهم من المسلمين.
كانت الأراضي المحيطة بالقرية تستخدم- أساساً- مرعى للمواشي، وإن كانت أجزاء منها تستغل للزراعة البعلية والمروية. وكان سكان الزنغرية يزرعون الحبوب والفاكهة والبصل، ويربون الأغنام والجواميس. في 1944/1945، كان ما مجموعه 7265 دونماً مخصصاً للحبوب. وكان الرعاة من عرب الزنغرية يرعون مواشيهم في المراعي المتاخمة، وينتقلون بين وادي الأردن شتاءً وبين المنحدرات الشرقية لجبال الجليل صيفاً. وكان صيد السمك في بحيرة طبرية يشكل نشاطاً مهماً لشريحة من السكان. وكان ثمة في الزنغرية دلائل تشير إلى أنها كانت آهلة فيما مضى، وفي جملتها أُسس أبنية دارسة وحظيرة مبنية بحجارة البازلت.
إحتلال القرية وتطهيرها عرقيا
كانت عملية مطْأَطي (المكنسة) عبارة عن هجوم شنته الهاغاناه في 4 أيار/مايو 1948، في سياق عملية يفتاح. وكانت غاية هذا الهجوم ((تطهير)) المنطقة الواقعة إلى الشرقم من صفدن والقريبة من نهر الأردن. وكانت الأوامر الصادرة إلى قادة سرايا البلماح، قبل العملية الفرعية، تقضي تخصيصاً بوجوب مهاجمة قرى الزنغرية والطابغة وعرب الشمالنة، و((طرد سكانها ونسف منازلهم)). وأضافت الأوامر، بحسب ما يذكر المؤرخ الإسرائيلي بِني موريس، وجوب عدم إلحاق الأذى بـ ((العرب الأصدقاء)). ويقول موريس إنه مع اقتراب طوابير البلماح من هذه القرى فرّ سكانها شرقاً إلى سورية؛ وفي اليوم التالي، نسف اللغامون نسفاً منظماً أكثر من خمسين منزلاً في الزنغرية وغيرها من القرى. وقد أكدت برقية مرسلة من قائد جيش الإنقاذ العربي إلى القيادة العليا في سورية أن الزنغرية احتلت في 4 أيار/مايو، وأضافت أن احتلال القرية أُتبع بهجوم على صفد.
وكتبت ((نيويورك تايمز)) في ذلك الحين: ((في هذه العملية [عملية المكنسة] نشرت القوات الإسرائيلية الارتباك في صفوف سكان بلدات الجليل العرب، ودفعت المدنيين العرب إلى التسابق نحو الحدود اللبنانية والسورية)). وقد بلغت السلطات السورية البريطانيين أن هذا الهجوم وحده أسفر عن دخول 2000 لاجئ جديد. وبعد مرور أسبوع على الهدنة الأولى في الحرب، نقلت ((نيويورك تايمز)) عن مسؤولين سوريين قولهم إن القوات الإسرائيلية خرقت، في 17 حزيران/يونيو، وقف إطلاق النار بإضرامها النار في الزنغرية، وربما كان ذلك إكمالاً لتدمير القرية.
القرية اليوم
لم يبق إلا كتل من حجارة البازلت كانت، فيما مضى، أجزاء من 12 منزلاً. ومع أن المنازل خُربتن لكن بعض حيطانها لا يزال قائماً. ويُشاهد بالقرب من بقايا المنازل بعض الحواجز الحجرية المستعملة حظائر للمواشي. وتستعمل المنطقة مرعى لمواشي مزرعة كاري ديشي الإسرائيلية المجاورة والواقعة جنوبي غربي الموقع.
المغتصبات الصهيونية على اراضي القرية
في سنة 1949، أنشأت إسرائيل مستعمرة إليفيليت على أراضي القرية، إلى الغرب من موقعها. وتقع مزرعة كاري ديشي الخاصة، التي أسست في سنة 1954، على بعد 8 كلم تقريباً إلى الجنوب الغربي. ويذكر معجم مفهرس للبلدات الإسرائيلية مستعمرة بيداهيئيل، ويقول أن اسمها الأصلي كان زنغريا بِت. لكن لا معلومات متاحة عن هذه المستعمرة، ومن الجائز أن تكون هُجرت في الخمسينات.