الموقع والتسمية:
تقع مدينة طولكرم في الوسط الغربي من فلسطين الطبيعية، في شمال الضفة الغربية، وهي بذلك تتميز بموقعها على الحد الفاصل بين الطبيعة السهلية الساحلية الخصبة الواقعة غرب المدينة، والأراضي الجبلية التي تمتد للشرق من المدينة.
وتشكل أراضي مدينة طولكرم فاصلاً بين أراضي السلطة الوطنية الفلسطينية، والأراضي الفلسطينية التي تحتلها إسرائيل منذ العام 1948م. وتبعد “15” كم عن شاطئ البحر المتوسط وعلى ارتفاع يتراوح بين “65-125” متراً من سطح البحر، وعلى خط العرض الجغرافي9-532 شمال خط الاستواء، وخط الطول الجغرافي1- 535 شرقي خط غرينتش، وهي تمثل إحدى مدن المثلث (طولكرم- نابلس – جنين) الذي عُرف بمثلث الرعب؛ لبلاء أهله في الجهاد ضد المستعمرين والأجانب أثناء الثورة الفلسطينية في عام 1936.
وموقع طولكرم أعطاها أهمية تجارية وعسكرية؛ فقديماً كانت ملتقى طرق المواصلات، وزمن العثمانيين والبريطانيين كان يمر بها خطي سكك حديدية، وهما: خط سكة حديد الحجاز الذي يصل طولكرم بدمشق، عن طريق جنين، والعفولة، بيسان، سمخ، جسر المجامع، الحمة، درعا، ثم دمشق إلى شمال سورية وتركيا وخط سكة حديد مصر، وهو خط الشرق السريع الذي ينتهي بالقاهرة. ولكن الخطين تعطلا سنة 1948م.
ولقد حبت ظروف الموقع المتوسط، وخصوبة التربة، ووفرة المياه طولكرم وإقليمها ظروفاً متميزة ساعدت على سرعة نموها وتطورها خلال فترة وجيزة من القرن الحالي، بعد أن ظلّت قرية، خلال تاريخها الطويل الذي تُرجع الأدلة التاريخية بدايته إلى زمن الرومان.
تعددت التفسيرات لأصل تسمية طولكرم، وقد تكون كلها صحيحة حسب المراحل التاريخية التي مرت بالمدينة، وهي كالتالي: بيرات سوريقا (Birat Soreqa) تعني بئر كرم في عصر الرومان، وطور- كرم والطور هو الجبل أو ما كان على حد الشيء، والكرمة هي شجرة العنب وحرف هذا الاسم إلى طولكرم “تل- كرمتة العنب” كما سمّاها الكنعانيون في العصر البرونزي المتقدم والمتوسط، وسميت طور كرم في العصر الأموي، ومعناها جبل العنب ثم حرّفت إلى طولكرم.
المدينة عبر التاريخ:
لا يوجد تاريخ محدد لبدايات المدينة، إذ أن ما عثر عليه من آثار حتى الآن، يثبت أن المدينة كانت قائمة إبان حكم الرومان لبلاد الشام في القرن الثالث الميلادي، وتشير المصادر التاريخية الإسلامية إلى أن الكنعانيين كانوا يسكنون المدينة قبل ذلك التاريخ. ويستدل على ذلك من كتابات الفراعنة.
أقدم تاريخ لمدينة طولكرم يعود إلى العصر الروماني، وبالتحديد إلى القرن الثالث الميلادي، وقد عرفت آنذاك باسم بيرات سوريقا ((Berat Soreqa وتعني “بئر كرم مختار”.
وتشير كثير من المصادر التاريخية إلى قدم المدينة، الذي يرجعه بعضها إلى زمن الكنعانيين، ويستدل على ذلك من خلال ما عثر عليه من آثار في القرى المجاورة لها، مثل قرى: جت كرمل، مجدليون، جلجال وغيرها من المدن والقرى التي لا زالت تحتفظ بأسمائها القديمة مع شيء من التحريف.
كانت طولكرم قرية صغيرة مساحةً وسكاناً حتى ثلاثينات هذا القرن، علماً بأن اتخاذها عاصمة لقضاء بني صعب عام 1892 من العثمانيين قد أسهم في رفع شأنها وتطورها.
عاشت مدينة طولكرم تاريخها الإسلامي المبكر بعد عام 636 هـ. وقد تم العثور على شواهد أثرية كثيرة تعود للفترة الأموية في ضاحية ارتاح جنوب المدينة.
وقد بقيت طولكرم تعرف باسم (طور كرم)، وفي الفترة المملوكية أقطع _السلطان المملوكي الظاهر بيبرس (636هـ، 1265م) طولكرم مناصفة بين قائدين من قواده: الأمير بدر الدين بيلبك الخزندار، والأمير بدر الدين بيسري الشمسي الصالحي.
وفي الفترة العثمانية ظلّت طولكرم تتبع في إدارتها مدينة نابلس حتى نهاية القرن التاسع عشر، عندما أحدث العثمانيون قضاءً جديدًا في شمال فلسطين عرف باسم قضاء بني صعب، وجعلوا طولكرم عاصمة له. وكانت مقراً للجيش العثماني الثامن خلال الحرب العالمية الأولى، حيث عظم شأن المدينة، واتخذت المدينة كعاصمة للقضاء والقرى المحيطة؛ فكانت المدينة مركزًا للدوائر الحكومية والجيش والشرطة، ولتخليص المعاملات الرسمية، ومركزًا للأمن والقضاء في المنطقة، وسوقاً تجارياً رئيسياً، وفيه محطة قطار تنقل المسافرين لمناطق مختلفة من العالم، وهي سكة حديد الحجاز. ولا زالت المدينة تحتفظ بالكثير من البنايات الأثرية التي تعود لهذه الفترة، ومنها سوق المدينة القديم ـ والمعروف بسوق الذهب ـ الذي يتميز بمبانيه الأثرية العثمانية، وكذلك مبنى السرايا (دار الحكومة)، ومبنى القائم مقام والذي شغل في آخر أيام الدولة العثمانية مقراً للبرق والبريد.
عظم شأن المدينة عندما جعلها العثمانيون عاصمة لقضاء بني صعب، فأخذ ينزح إليها الناس من نابلس والقرى المجاورة، وذلك حسب ما تدعو إليه مصالحهم وأعمالهم.
وعند قيام البريطانيين بهجومهم على الساحل الفلسطيني سقطت طولكرم بأيدي القوات البريطانية في العشرين من أيلول عام 1918م. وازداد عدد سكان المدينة خلال فترة الاحتلال البريطاني لفلسطين، حيث ارتفع عدد سكانها من (3349) نسمة عام 1922م إلى (5368) نسمة يسكنون 960 بيتا عام 1931، والى (8090) نسمة عام 1945م.
ويعود السبب التزايد السكاني في المدينة إلى الزيادة الطبيعية للسكان، والى الهجرة إلى المدينة من القرى المجاورة، بسبب توفر فرص العمل والخدمات المختلفة كالماء والتعليم. ومما زاد في أهمية المدينة التجارية؛ إنشاء سوق يوم السبت، حيث يجتمع فيه القرويون لبيع منتجاتهم وشراء حاجياتهم؛ فازداد عدد سكانها وكثرت مخازنها، وارتفعت أجور مساكنها، ما شجع البعض على إقامة الأبنية الجديدة لاستثمارها، وبدأت تدب فيها الحركة العمرانية فبنيت بيوتها من الحجر الأبيض وسقف بعضها بالقرميد، وزودت بالمياه والكهرباء، وشيد فيها العديد من المدارس والمنشآت العامة.
كما ساعد أيضا مرور خط سكة الحديد المتجه إلى الساحل غربا ونحو الداخل وسوريا شرقا على نمو المدينة وتطورها، إلى أن حدثت الحرب على فلسطين عام 1948م، حيث صاحب ذلك هجرة قسرية لآلاف الفلسطينيين من القرى والمدن المجاورة، (خصوصا من ذلك الجزء من قضاء طولكرم الذي اغتصبه الصهاينة ) إلى مدينة طولكرم والاستقرار فيها، وقد أقام قسم منهم في مخيم نور شمس المجاور واستمرت المدينة في النمو السكاني والعمراني إلى أن احتلها الصهاينة عام 1967 م، إذ أدى ذلك إلى (هجرة) ربع سكانها إلى الضفة الشرقية، ومع ذلك استقبلت المدينة مهاجرين من قرى مجاورة لها.
وفي عام 1948م اقتطعت معظم الأراضي السهلية الواقعة للغرب من المدينة من جانب الاحتلال الإسرائيلي الجديد، وقد عاشت المدينة بعد هذا التاريخ فترة من الوصاية العربية والأردنية حتى عام1967م.
وفي عام1967م وقعت حرب السادس من حزيران، حيث خضعت المدينة للاحتلال الإسرائيلي الذي عانت منه مدينة طولكرم مثل باقي مناطق الضفة الغربية سواء بزرع المستوطنات اليهودية، أو بسياسة مصادرة الأراضي على غير وجه شرعي، إضافة إلى غيرها من الإجراءات المجحفة بحق شعبنا الفلسطيني.
وفي عام1995م انسحبت قوات الاحتلال الإسرائيلية، ودخلت المدينة تحت ظل السلطة الوطنية الفلسطينية التي بدأت بسياسة جديدة للنهوض بمرافق المدينة المختلفة، وتأهيل مؤسساتها تدريجياً بمختلف النواحي.
خسرت المدينة مساحات كبيرة من أراضيها وأراضي القرى التابعة لقضائها. نتيجة لسيطرة قوات الاحتلال على القسم الغربي من قضاء طولكرم، والذي تضمن (34) قرية وخربة و(16) مضربا لبعض عشائر البدو.
وتعتبر الفترة من 1945 إلى 1967 فترة نمو وتوسع في رقعة المدينة المساحية وحجمها السكاني، وبلغ عدد السكان (20688) نسمة عام 1961م. وظلت المدينة خلال تلك الفترة مركزاً لقضاء (لواء) طولكرم، يتبع لها إداريا (42) قرية وبلغ عدد سكان مدينة طولكرم (129030) نسمة حسب إحصاء 1997، يشكلون(7.13%) من إجمالي سكان الضفة الغربية، و(4.6%) من إجمالي فلسطين، منهم (65224) من الذكور و(63806) من الإناث، موزعون إلى ثلاثة تجمعات سكانية: الحضر(59679) نسمة، الريف (53380) نسمة، المخيمات (15971) نسمة. وتضم المدينة حاليا 42 تجمعا سكانيا، منها تسع تجمعات حضرية ومخيمين والباقي تجمعات سكانية ريفية.
السنة |
عدد السكان |
1904 |
1984 |
1922 |
3349 |
1931 |
4827 |
1945 |
8090 |
1961 |
20688 |
1966 |
22000 |
1967 |
15177 |
1981 |
30000 |
2007 |
51300 |
المساحة:
بلغت مساحة المدينة في أول مخطط هيكلي لها في العام 1945 (3725 دونمًا)، وبلغت مساحة الأراضي التي تقع ضمن الحدود التنظيمية للمدينة حتى العام 1998، (10255دونمًا)، حيث أضيفت مناطق جديدة الى حدود بلدية طولكرم، وضمن مخطط هيكلي تم إعداده حالياً بمساحة (14.000) دونم.
المناخ:
تتمتع طولكرم بمناخ البحر الأبيض المتوسط (ماطر دفيء شتاءً، وحار جاف صيفاً).
فموقع المدينة القريب نسبيًا من البحر، وعدم وجود حواجز طبيعية (تضاريس جبلية) ساهم في ميل مناخ المدينة إلى المناخ الساحلي رغم وقوعه بين الساحل والجبل. وبذلك يندرج مناخ طولكرم ضمن مناخ البحر الأبيض المتوسط. مناخ المدينة أقرب إلى مناخ المناطق الساحلية منه إلى المناطق الجبلية نظراً لقربها من الساحل وانفتاحها على البحر من جهة الغرب مما يساعد على وصول المؤثرات البحرية التي تعمل على الحد من الفروق الحرارية من جهة، وزيادة كميات الأمطار السنوية من جهة أخرى. يتميز صيف المدينة بجفافه واعتدال حرارته، وشتائها طويل معتدل الحرارة، وفير الأمطار، وخريفها وربيعها ليسا بالوضوح المتمثل في فصلي الصيف والشتاء.
البنية الجيولوجية:
تغطي رسوبيات الدورين الثاني والثالث الجيولوجيين القاعدة الغرانيتية في منطقة طولكرم. وتوضع المدينة على تكوينات من الهضاب الكلسية التي تجزأت بفعل حركات التصدع التي تعرضت لها المنطقة في الدور الثالث-الانهدام.
الوضع الاقتصادي:
1. الزراعة: عدد كبير من السكان يكسبون عيشهم من قطاع الزراعة والغابات والصيد.
2. قطاع الخدمات العامة: تعدّ مدينة طولكرم مركزاً لتقديم الخدمات الصحية، التعليمية والإدارية للقرى الواقعة ضمن محافظتها.
3. الصناعة التحويلية: وهي في الغالب صناعات غذائية واستهلاكية.
4. التجارة: حيث يقدم هذا القطاع خدماته لسكان المدينة والقرى المجاورة.
أبرز المواقع السياحية والأثرية
خربة ارتاح:
تحوي ” خربة ارتاح ” على معصرة للعنب في وسط الخربة، وهذه المعصرة مبنية من الحجارة ومرصوفة بالفسيفساء البيضا،ء كما أنها محاطة بساحة فسيفسائية من جميع الجهات، وبالقرب منها مجموعة من الآبار والمغر.
مقام بنات النبي يعقوب:
يقع في قرية ارتاح، الطابق السفلي منه عبارة عن مبنى روماني، والطابق العلوي فيه مبنى إسلامي، يتكون من غرفتين وقبتين وساحة على غرار مخطط المباني الإسلامية.
خربة نصف جبيل:
تقع في الجنوب الشرقي من فرعون، تعرف باسم خربة نصف جبيل، منحها الظاهر بيبرس عام 1265 م مناصفة بين قائدين من قواده .
قرية كور:
شيد معظم بيوتها القائد الظاهر بيبرس، في العهد المملوكي، وأقام بها معسكرًا أثناء حملته لتحرير القدس من الصليبيين، واستقر فيها أعوامًا.
ومباني القرية كبيرة تتوسطها قلعة وبقايا مسجد ومبان تعود إلى العهدين المملوكي والعثماني، يبلغ امتداد بعضها مئة متر طولاً، وخمسين مترًا عرضًا، يوجد بها مقابر منحوتة في الصخر، وتوجد مقاطع صخرية تعود لتلك الفترات، إضافة إلى مقاطع عبارة عن مصاطب لم يكشف النقاب عنها وتعلوها الأتربة.
قرية شوفة:
. تقع قرية شوفة في الجنوب الشرقي من طولكرم، تحتوي على مبان تعود إلى الفترة الرومانية والبيزنطية، فيها “خربة سمارة” التي تدل آثارها على أنها كانت ثكنة عسكرية للجيش الروماني في الفترة الرومانية في فلسطين، كما ويحيط بالقرب من قرية شوفة (لا سيما في الجهتين الجنوبية والغربية) مجموعة من الأبراج الرومانية، التي كانت تستخدم للمرابطة وتقديم الخدمات في الطرق الرئيسية التي يستعملها الرومان في غاياتهم المختلفة، وهذا يدل على أن شوفة كانت تقع بمحاذاة طريق روماني هام في تلك الفترة. ويوجد في القرية مسجد أثري على الطرف الغربي و قلعة البرقاوي، خربة النصارى، أو خلة الكنيسة، أو تل الشومر، بئر العدس وخربة دير ابان .
خربة البرح (برح العطعوط):
تحتوي على بقايا برج، وعقود وآثار أساسات وصهاريج، وبركة ماء أقيم في ظاهرها الغربي مستعمرة (كفار يونا).
خربة أم صور:
تحتوي على بقايا سور وأبنية وأعمدة وصهاريج وخزان.
المصدر: وكالة وفا