كانت القرية تقوم في رقعة مستوية من الأرض في السهل الساحلي يحدها وادي عبدس شرقا. وكانت طريقان فرعيتان تربطانها بالطريق العام الواصل بين المجدل وطريق يافا- القدس العام, كما كانتا تربطانهما بقريتين مجاورتين. في سنة 1569, كانت عبدس قرية في ناحية عزة(لواء غزة), وفيها 193 نسمة. والشعير والسمسم والفاكهة بالإضافة إلى عناصر أخرى من الإنتاج والمستغلات كالماعز وخلايا النحل وكروم العنب.
في أواخر القرن التاسع عشر كانت عبدس قرية متوسطة الحجم مبنية على رقعة أرض فسيحة وكانت منازلها ضيقة بينها. وفي أعوام الانتداب الأخيرة, بنيت منازل جديدة في موازاة الطريقين المذكورتين أعلاه. وكان سكانها من المسلمين, ويتزودون مياه الاستعمال المنزلي م بئر عميقة (55 مترا). لكن لما كان عدد الآبار المحفورة محدودا, فقد اعتمد سكان القرية في الأغلب على الأمطار لري مزروعاتهم. وكانت عبدس مشهورة في المنطقة بجودة حبوبها, كالقمح والشعير. وفي الفترة اللاحقة كان سكانها يزرعون الفاكهة كالعنب والمشمش والبرتقال. في 1944\1945 كان إما مجموعه 4307 من الدونمات مخصصا للحبوب, و149 دونما مرويا أو مستخدما للبساتين. ويوحي وجود الآبار القديمة المستعملة والصهاريج وأسس الأبنية القديمة والبقايا الأثرية بأنه كان لعبدس تاريخ موغل في القدم. وكان موقع أبو جويعد (121120), وهو موقع بيزنطي في أغلب الظن يقع إلى جوار القرية. وإلى الجنوب الغربي منه تقع خربة عجاس (118118) التي قال الجغرافي العربي, ياقوت الحموي(توفي سنة 1229), إنها من قرى عسقلان.
إحتلال القرية وتطهيرها عرقيا
أوردت صحيفة (فلسطين) اليومية في أواسط شباط\ فبراير 1948 أن القوات الصهيونية وصلت إلى عبدس في ثلاث عربات كبيرة ليل 17 شباط\ فبراير واشتبكت مع مجاهدي القرية, ودام الاشتباك ساعة وثلاثين دقيقة إلى أن انسحب المهاجمون إلى مستعمرة نيغبا. وبحسب رواية الصحيفة, لم تقع أية إصابات في صفوف المدافعين عن القرية.
في 8 تموز\ يوليو 1948, وبينما كانت الهدنة الأولى في الحرب تشارف على الانتهاء تحرك لواء غفعاتي على الجبهة الجنوبية بغية الاتصال بالقوات الإسرائيلية في النقب. ومع أنه أخفق في تحقيق هذا الهدف فقد نجح في توسيع رقعة سيطرته جنوبا, إذا احتل كثيرا من القرى في منطقة غزة. وقد هاجمت الكتيبة الثالثة من لواء غفعاتي عبدس خلال ليل 8 تموز\ يوليو, فاشتبكت في ( معركة طويلة) مع سريتين من الجيش المصري كانتا منتشرتين هناك, بحسب ما ذكر (تاريخ حرب الاستقلال) و(انتهت) القوات الإسرائيلية من (تطهير الموقع في ساعات الصباح الأولى فقط) كما سقطت في الفترة ذاتها قريتا بيت عفا وعراق سويدان, وفق ما جاء في بلاغ عسكري إسرائيلي استشهدت به صحيفة (نيورك تايمز) ومن غير الواضح هل طرد سكان عبداس في تلك الفترة أم لا لكن رواية الهاغاناه تشير إلى أن الاسرائيلين غنموا بعض المعدات العسكرية المصرية.
حاولت القوات المصرية استعادة القرية في 10 تموز\ يوليو, إلا أنها أخفقت وتكبدت (خسائر فادحة) بعد أن اصطدمت بوحدات إسرائيلية متمركزة فيها. وقد جاء في (تاريخ حرب الاستقلال) أن (هذا الانتصار في موقع عبدس بمثابة نقطة تحول في مسيرة غفعاتي إذا إنه اعتبارا من ذلك النصر لن تنسحب قوات اللواء من أي موقع إلى أن انتهت الحرب).
ويقول الكاتب المصري محمد عبد المنعم إن عبداس استعيدت لفترة وجيزة في عملية 10 تموز \ يوليو غير أن الوحدات المصرية اضطرت إلى الانسحاب لأنها تعرضت لنيران صادرة من المرتفعات المشرفة على القرية. ثم فشلت محاولة ثانية لاستعادة القرية, في 12 تموز\ يوليو.
لكن ورد في مصدر مصري آخر أن القرية هوجمت أيضا في بداية الهدنة الأولى, في 11 حزيران \يونيو وهذا خرق لاتفاقية الأمم المتحدة وجاء في مذكرات الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر الذي كان آنئذ ضابطا مصريا يخدم في ذلك القطاع 🙁 في اليوم الأول من الهدنة تحرك العدو باتجاه قرية عبدس العربية التي كانت تتداخل مع خطوطنا). ولا يذكر عبد الناصر هل أسفر الهجوم عن احتلال القرية أم لا, لكن يعتقد أنها ظلت في يد المصريين حتى هجوم 8-9 تموز\ يوليو.
القرية اليوم
لا يمكن تمييز موقع القرية إلا من خلال بعض أشجار الجميز أما منازلها فقد دمرت تدميرا كليا. وتزرع أجزاء من الأراضي المحيطة بها.
المغتصبات الصهيونية على اراضي القرية
تزرع مستعمرة مركازا شابيرا التي أقيمت في سنة 1948 على الحدود بين أراضي عبدس وأراضي السوافير الغربية بعض الأراضي قرب الموقع لكنها لست من أراضي القرية.
المصدر:
كتاب كي لا ننسى، وليد الخالدي
www.palestineremembered.com