كانت القرية تنتصب على تل مشرف على سهل قاقون وتطل مدينة طبرية عليها من جهة الجنوب الشرقي وكانت سكة حديد طولكرم ؟ حيفا تمر على بعد نصف كيلومتر الى الشرق من قاقون التي كانت طرق فرعية تصلها بطولكرم والقرى المجاورة الأخرى. وكانت قاقون تعد موقعا تاريخيا مهماً يحتوي على قلعة بناها الصليبيون وفي أثناء الحروب الصليبية كانت تابعة لقيسارية و تعرضت لقدر كبير من الدمار. وقد عرفت يومها بأسماء عدة منها قاقو شاكر كاكو. في سنة 1267 استولى عليها السلطان المملوكي بيبرس (1259- 1277)الذي أمر بإعادة يناء قلعتها ورمم كنيستها وحولها الى جامع. ثم أعيد فتح أسواقها و ما لبث أن صارت مركزا تجاريا فيها خان للتجار وقد جدد بناء القلعة أيام المماليك وغدت القرية محطة للبريد على طريق غزة ؟ دمشق. وقد وصفها القلقشندي (توفي في سنة 1418) بأنها (مدينة لطيفة, غير مسورة. بها جامع وحمام وقلعة لطيفة وشربها من ماء الآبار)(صبح لاعشى).
في سنة 1596 كانت قاقون مركز ناحية قاقون (لواء نابلس)وعدد سكانها 127 نسمة. وكانت تؤدي الضرائب على عدد من الغلال كالقمح والشعير بالإضافة الى عناصر أخرى من الإنتاج والمستغلات كالماعز وخلايا النحل في سنة 1799 هزمت قوات نابليون الجنود العثمانيين الذين أرسلوا الى قاقون ثانية ( كانت المرة الأولى على يد الصليبيين) على يد الجيش المصري بقيادة إبراهيم باشا ابن محمد علي في أثناء حملته على سورية لان سكانها شاركوا في الثورة ضد مصر في أواخر القرن التاسع عشر كانت قاقون قرية كبيرة مبنية حول البرج لمركزي الباقي من القلعة الصليبية \ المملوكية. وكانت منازلها المبنية بالحجارة والطين تتفرق على سطح التل وكان ثمة أراض زراعية في المنطقة المحيطة.
كان سكان قاقون من المسلمين يصلون في مسجد يتوسط القرية قريبا من السوق. وكانوا يتزودون مياه السرب من الآبار . في زمن الانتداب البريطاني أنشئت مدرسة ابتدائية للبنين. أما الزراعة فكانت تعتمد على البطيخ والخضروات (كالخيار) والزيتون والحمضيات والحبوب. في 1944\ 1945 , كان ما مجموعه 713 دونما مخصصا للحمضيات والموز و 34376 دونما للحبوب و210 من الدونمات مرويا أو مستخدما للبساتين منها 80 دونما حصة الزيتون وكانت أثار القلعة الصليبية \ المملوكية والمسجد المملوكي فضلا عن بقايا معمارية من أبنية أخرى, تشاهد في القرية.
إحتلال القرية وتطهيرها عرقيا
وقعت قاقون ضحية غارة من نوع(اضرب واهرب) شنتها عصابة الآرغون في 6 آذار \ مارس 1948 وذلك بحسب ما جاء في ( تاريخ الهاغاناه) ولا يقدم هذا المصدر أية تفصيلات أخرى, لكن صحيفة (فلسطين) ذكرت وقوع غارة صبيحة 7 آذار \ مارس. قالت الصحيفة نقلا عن بلاغ أصدرته قوات المجاهدين الفلسطينيين إن الوحدة الكبيرة المغيرة عجزت عن دخول القرية وأنها ألقت بعض القنابل اليدوية التي جرحت امرأتين.
في أوائل أيار \ مايو كانت القرية واحدة من أواخر القرى الساحلية الباقية في الشريط الممتد شمالي يافا. وقد اجتمع ضباط
استخبارات الهاغاناه في 9 أيار \ مايو لتقرير مصيرها فاتفقوا على (إخلاء أو إخضاع) قاقون وبضع قرى أخرى في السهل الساحلي وذلك استنادا الى سجلات الهاغاناه التي اطلع المؤرخ الإسرائيلي بني موريس عليها. لكن يبدوا أن هذه الخطة لم تنفذ فورا لان القرية احتلت في الشهر التالي في أثناء هجوم شن للاستيلاء عليها تحديدا. فقبل أسبوع تقريبا من بداية الهدنة الأولى تملك القوات الكافية للاستيلاء على مدينة طولكرم, ولذلك حولت انتباهها الى أهداف اصغر مثل قرية قاقون.
ويذكر (تاريخ حرب الاستقلال) أن القرية هوجمت ليل 4- 5 حزيران \ يونيو1948, وان القوة المهاجمة كانت في معظمها من الكتيبة الثالثة التابعة للواء السكندروني. وقد بدأ الهجوم ذو الشعبتين بقصف شديد من مدافع الهاون والميدان وجوبه بمقاومة وحدات الجيش العراقي المدافعة عن المشارف الشمالية للقرية. (ومع بزوغ الفجر كان العراقيون لا يزالون موجودين في جزء من مواقعهم المحصنة….. وحسم هجوم عنيف في وضح النهار المعركة) لمصلحة المهاجمين وذلك استنادا الى الرواية الإسرائيلية. وقد وصفت صحيفة (نيورك تايمز) المعركة بأنها (من أدمى المعارك حتى ذلك التاريخ) وذكرت أن المدافعين العراقيين كانوا اتخذوا مواقع لهم في ثلاثة خطوط من الخنادق خارج القرية مباشرة(وهناك) تحديدا دارت المعركة الحقيقة ..رفض (العراقيون) التراجع, وظلوا يقاتلون لساعات عدة كمن به مس من الجنون. وتلاحم المتقاتلون وتطاعنوا بالحراب والسكاكين وتراشقوا بالقنابل اليدوية وحطموا الروؤس بأعقاب البنادق وذكرت الرواية الرسمية الإسرائيلية أن الكتيبة العراقية (45 رجلا) أبيدت بكاملها في ذلك الاشتباك وقدرت الخسائر الإسرائيلية ب12 قتيلا وقالت إن الجانبين استخدما القوات الجوية في المعركة. واستنادا الى (تاريخ حرب الاستقلال) فشلت محاولات أخرى لاحتلال قرى عربية (في هذه المنطقة) الا أن المناوشات استمرت حول قاقون أيام عدة.
بعد يومين لا أكثر على احتلال القرية- أي في 7 حزيران \ يونيو- كان احد كبار المسؤولين في الصندوق القومي اليهودي ينظر في مسالة تدمير القرية. لكن هذه الخطة لم تنفذ فورا لان بعض سكان قرية مكث فيها حتى تموز \ يوليو 1949 على الأقل يوم حذر المجتمع الدولي القادة قال وزير الخارجية الإسرائيلي موشيه شاريت في إشارة منه الى قاقون وبضع قرى أخرى: (هذه المرة … تعلم العرب الدرس وما عادوا يهربون. من غير الممكن أن نرتب ما هندسه جمودنا في الفالوجة (حيث) طردوا العرب بعد أن وقعنا…. التزاما دولياً).
القرية اليوم
لم يبق من معالم القرية الا القلعة فوق قمة التل وبئر كانت لعائلة أبو حنتش ومبنى المدرسة ويتوسط القلعة أنقاض الحجارة وبقايا المنازل ولا مبنى المدرسة يستعمل مدرسة من قبل الاسرائيلين وثمة جنوبي التل شجرة توت عتيقة واجمة صبار. إما الأراضي المحيطة فمغطاة بالبساتين. الى جانب ذلك يستنبت القطن والفستق والخضروات في تلك الأراضي. وثمة الى الشمال الشرقي من موقع القرية مصنع إسرائيلي للأعلاف.
المغتصبات الصهيونية على اراضي القرية
المستعمرات على أراضيها: “كيبوتس همعبيل”، أنشئ عام 1945. *مستوطنة “غان يوشيا” عام 1949. “مستوطنة أومتز” عام 1949 ويكّون