كرتيا

كانت القرية تقع في رقعة مستوية من الأرض في المنطقة الساحلية. وكان وادي المفرد الذي ينحدر من الفالوجة شرقا, يجتاز طرفي القرية الجنوبي والغربي. في القرن الثاني عشر للميلاد بنى الصليبيون في القرية قلعة غلاتي غنمها منهم لاحقا السلطان صلاح الدين الأيوبي. وقد أتى الجغرافي العربي ياقوت الحموي (توفي سنة 1229) إلى ذكرها تحت اسم قراتيا في جوار بيت جبرين, وقال إنها من قرى القدس (مذكور في الخالدي). في سنة 1299, نصب السلطان المملوكي قلاوون معسكره فيها لدى سيره لقتال المغول. وفي سنة 1596 كانت كرتيا قرية في ناحية غزة(لواء غزة), وفيها 253 نسمة. وكانت تدفع الضرائب على عدد من الغلال كالقمح والشعير والفاكهة بالإضافة إلى عناصر أخرى من الإنتاج والمستغلات كالماعز وخلايا النحل وكروم العنب.
في أواخر القرن التاسع عشر,كانت كرتيا تقع في سهل فسيح وكان ثمة برج خرب ينتصب على تل خارج القرية مباشرة. وكان سكان كرتيا في العصور الحديثة من المسلمين. كما كانت منازلها مبنية بالطوب, وامتد البناء فيها في موازاة طريق الفالوجة- المجدل تعتمد على بلدة الفالوجة المجاورة في تلبية معظم حاجاتها الطيبة والتجارية والإدارية. وكان في القرية مسجد ومدرسة ابتدائية أقيمت في سنة 1922, وكان فيها 128 تلميذا في أواسط الأربعينات. وكانت مياه الاستعمال المنزلي تستمد من بئرين حفرتا داخل القرية. وكانت الزراعة البعلية عماد اقتصاد سكان القرية. أما أهم محاصيلهم فكانت الحبوب 12928 دونما مخصصا للحبوب و321 دونما مرويا أو مستخدما للبساتين. وكانت أشجار الفاكهة مغروسة في مساحة صغيرة من الأرض, وذلك عشية سنة 1948. وكان في كرتيا طاحونة للحبوب, كما كانت القرية تضم بعض الخرب التي تعود في تاريخها إلى عصري المماليك والصليبيين.

إحتلال القرية وتطهيرها عرقيا 

نفذ لواء غفعاتي عمليتين على الجبهة الجنوبية في المنطقة المحيطة بالقرية خلال الأيام العشرة بين هدنتي الحرب. وفي العملية الثانية, حاول هذا اللواء ربط سيطرته بتلك التي تسيطر القوات الصهيونية عليها في النقب. وعلى الرغم من عجزه عن تحقيق هذا الهدف, فقد نجح في احتلال المزيد من الأراضي في منطقة غزة, وتسبب بتشريد سكان الكثير من القرى الفلسطينية. وكانت كرتيا بين هذه القرى فقد تم احتلالها ليل 18-17 تموز\ يوليو 1948, قبل أن تدخل الهدنة الثانية حيز النتفيذ مباشرة, وذلك استنادا إلى (تاريخ حرب الاستقلال). وكانت الوحدات المشاركة تابعة للكتيبة الثالثة في لواء غفعاتي ولكتيبة المغاوير التاسعة في اللواء المدرع وهذه الوحدات الأخيرة هي التي (اقتحمت) القرية واحتلتها. وقد نشب فيما بعد قتال ضار مع القوات المصرية التي وصلت إلى مشارف القرية. وبينما كانت دبابات مصريتان على وشك اختراق الدفاعات الإسرائيلية من الجنوب جابهتهما وحدة مزودة بأسلحة مضادة للدبابات (وغيرت … سير المعركة كما جاء في رواية الهاغاناه. وكانت هذه الوحدة احتمت وراء سياج من الصبار وأصابت إحدى الدبابتين إصابة مباشرة , فأوقفت بذلك التقدم المصري. وفي الساعة السابعة من مساء اليوم ذاته, دخلت الهدنة الثانية حيز التنفيذ.
كتب مراسل صحيفة (نيورك تايمز) يقول إن سقوط كرتيا (زاد في عزلة المصريين الذين أصبحوا في موقع مكشوف حين تم وقف إطلاق النار) غير أن هذا النجاح الإسرائيلي لم يؤد إلى تحقيق الرغبة الإسرائيلية في الاتصال بالنقب, لأن القوات المصرية احتلت مواقع أخرى خارج القرية مباشرة لسد الطريق نحو الجنوب. وقامت وحدات من لواء عوديد, كانت أسلت إلى الجنوب للاستيلاء على هذه المواقع في النصف الثاني من تشرين الأول\ أكتوبر. وهذه المواقع هي التي أصبحت تعرف ب(جيب الفالوجة) الذي استولت إسرائيل عليه فيما بعد بمقتضى اتفاقية الهدنة.

القرية اليوم

ينتشر الركام في الموقع ويمكن رؤية مقبرة خربة (تختفي جزئيا بين أشجار الكينا) وتمر طريق زراعية عبر الموقع. ويزرع الإسرائيليون الحبوب والفصفصة في الموقع وفي الأراضي المجاورة.

المغتصبات الصهيونية على اراضي القرية

ثمة ثلاث مستعمرات إسرائيلية على أراضي القرية هي : كومميوت التي أسست في سنة 1950 رفاحا التي أقيمت في سنة 1953 بالقرب من موقع القرية نهورا التي أقيمت في سنة 1956 على جزء من أراضي القرية, وعلى جزء آخر من أراضي الفالوجة.

المصدر:
كتاب كي لا ننسى، وليد الخالدي
www.palestineremembered.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *