يقع مخيم خان دنون بالقرب من آثار خان دنون التي بنيت قبل قرون عدة من أجل توفير مكان للمبيت للقوافل التجارية التي كانت تسير في الطريق القديم للتجارة بين القدس والقسطنطينية (اسطنبول كما تعرف اليوم). وفي عام 1948، وفرت تلك الأطلال ملاذا للاجئين الذين قدموا من شمال فلسطين.
وقد تأسس المخيم، الذي يقع على مسافة 23 كيلومتر جنوب دمشق، رسميا في 1950-1951 فوق مساحة من الأرض تبلغ 0,03 كيلومتر مربع. وكان المخيم مسكنا لما مجموعه 10,000 لاجئ من فلسطين في عام 2011، جميعهم تقريبا كانوا يعيشون في مساكن غير نظامية ومبنية بدون أية موافقة رسمية من البلدية.
وقبل النزاع في سوريا، كان مخيم خان دنون بالفعل واحدا من أفقر المخيمات في سوريا؛ ومعظم اللاجئين فيه يعملون كمزارعين في الأراضي المملوكة لسوريين فيما يعمل الآخرون كعمال مياومة بينما يقوم القليلون منهم بالعمل في المؤسسات الصناعية.
وعمل النزاع على فرض المزيد من الضغوط. وقد أحاطت جماعات المعارضة المسلحة بالمخيم، فيما قامت العديد من عائلات اللاجئين من مناطق أخرى في دمشق بالنزوح إلى المخيم، الأمر الذي عمل على زيادة عدد سكانه ثلاثة أضعاف ليصبح حوالي 30,000 خلال الأزمة. وقد تم تحويل مدرستين من مدارس الأونروا إلى ملاجئ جماعية لإيواء أكثر من 130 عائلة وذلك بين الأعوام 2012 وحتى 2018. واعتبارا من نهاية 2021، أصبح المخيم مسكنا لما مجموعه 13,705 لاجئ من فلسطين.
لقد كان لتوسع المخيم وزيادة عدد سكانه أثرا سلبيا على البنية التحتية للمخيم، مثلما أثر ذلك على شبكة الكهرباء ونظام الصرف الصحي. ويعاني المخيم من انسداد متقطع للمجاري بسبب الضغط المتزايد على نظام الصرف الصحي القائم والمصمم من أجل 10,000 ساكن فقط، في حين أن هنالك حاليا عدد أكبر بكثير من ذلك (13,705 شخص). كما تأثرت أيضا موارد تزويد المياه وأصبح المخيم يعاني من نقص في المياه، وخصوصا خلال أشهر الصيف.
وقد تسرب العديد من أطفال المدارس من المدرسة أو أصبحوا يعملون بعد الدوام من أجل إعالة أسرهم. كما يعاني المخيم أيضا من ارتفاع حالات الأمراض الوراثية كالثلاسيميا وفقر الدم المنجلي. وتصعب مكافحة تلك الأمراض حيث إن الزواج في مجتمع فقير كهذا بين أبناء العمومة المباشرين يعد أمرا شائعا علاوة على أن الزواج من خارج العائلة الممتدة يعد أمرا لا يستطيع العديدون تحمل نفقاته.
ومثل باقي المناطق في سوريا، فإن النزوح والبطالة والتضخم ومخاطر الحماية والأمن تعد من ضمن الشواغل الرئيسة التي يتشارك بها لاجئو فلسطين والسوريون على حد سواء. لقد أدى النزاع المستمر منذ أكثر 10 سنوات إلى زيادة آليات المواجهة السلبية، مثل الزواج المبكر وعمالة الأطفال وتعاطي المخدرات، إضافة إلى زيادة العنف والمشاكل النفسية. وعلى الرغم من القيود المالية، عززت الأونروا جهودها للقيام بأنشطة وقائية وتوعوية ولتقديم الدعم النفسي والاجتماعي من خلال مدارسها والمركز المجتمعي. لقد تفاقم الوضع السيئ للغاية بالفعل بسبب آثار جائحة كوفيد-19 والتدهور الدراماتيكي للوضع الاقتصادي. وما لم يتم التعامل معها بشكل مناسب، فسوف تزداد مخاوف الفقر والحماية ومن المرجح أن تؤدي إلى مزيد من التدهور في الوضع الاجتماعي الاقتصادي لمجتمع لاجئي فلسطين المعرضين أصلا للمخاطر بشكل كبير