مسكة

كانت القرية تنهض على تل رملي قليل الارتفاع في السهل الساحلي على الجرف الشمالي لأحد الأودية. وكان بعض الطرق الفرعية يصلها بالطريق المؤدي الى طولكرم والى الطريق العام الساحلي. ومن الجائز أن يكون قوم يتحدرون من قبيلة مسكة العربية- هاجروا الى المنطقة قبل الفتح الإسلامي وفي أوائله؟ هم الذين أسسو القرية. الا أن علاقة اسم القرية بهذه القبيلة غير مؤكدة يضاف الى ذلك أن قرية أخرى مسماة بالاسم نفسه كانت قائمة سنة 1596 في موضع أخر ويذكر المؤرخ العربي الصفدي (توفي سنة 1362 ) إن عددا من العلماء المسلمين كان ينسب الى مسكة, ومنه عالم اللغة والعروض عبد المنعم المسكي الذي توفي في القاهرة سنة 1235 واستنادا الى الجغرافي العربي ياقوت الحموي (توفي سنة 1229) كانت مسكة مشهورة بفاكهتها ولاسيما تفاح الحسن اليازوري الذي توفي في سنة 1058 وقد مر القائد الفرنسي كليبر وجنوده بالقرية وهم في طريقهم الى عكا في أثناء الحملة النابليونية سنة 1799.
وفي أواخر القرن التاسع عشر كانت مسكة قرية صغيرة قدر عدد سكانه ب300 نسمة وكان شجر الزيتون مغروسا في الأراضي الواقعة شمالي القرية وجنوبها وشجر التين والنخيل يتفرق في شتى أنحائها وكانت القرية أشبه بالمربع وتنقسم أربعة أقسام غير متساوية جراء شارعين يتقاطعان وسطها. وكانت المنازل التي بنيت في الأعوام الأخيرة من الانتداب البريطاني ننتشر في الركن الشمالي من القرية بعيدا عن الوادي وكان سكانها من المسلمين لهم فيها مسجد ومدرسة ابتدائية. وكان سكانها من الأراضي المجاورة مغطى بالغابات، الا انه استصلح وزرع أشجار مثمرة. وكانت الموارد المائية ولاسيما الآبار كثيرة نسبيا في جوار القرية الأمر الذي أتاح زراعة الحمضيات في مجموعة 1115 دونما مخصصا للحمضيات والموز و3245 دونما للحبوب و304 من الدونمات مرويا أو مستخدما لاستنبات سوى ذلك من الأشجار المثمرة. وكذلك كان يستنبت الخيار وغيره من الخضروات والبطيخ والى الجنوب الغربي كان يوجد تل ضهرة الصوانة (142178) الذي يحتوي على دلائل تشير الى أن الموقع كان آهلا في حقبة ما قبل التاريخ.

إحتلال القرية وتطهيرها عرقيا 

كان الضباط الهاغاناه بحسب ما روي أمروا سكان القرية بمغادرتها في 15 نيسان \ ابريل 1948 لكن السكان لم يأبهوا للأمر. وبعد بضعة أيام في 20- 21 نيسان \ ابريل , هاجمت وحدات من لواء الكسندرون مسكة وطردت سكانها. وقد تم ذلك في إطار قرار سابق اتخذته قيادة الهاغاناه في شان ضمان إجلاء كل التجمعات العربية عن المنطقة الساحلية الممتدة بين تل أبيب وزخرون يعقوب جنوبي حيفا, في الأسابيع السابقة لتاريخ 15 أيار \ مايو.
في أوائل حزيران \ يونيو شرع الصندوق القومي اليهودي في تدمير القرية فضلا عن جملة قرى أخرى وجرى ذلك على الرغم من تدمير من بعض المعارضة التي أبداها حزب مبام اليساري الإسرائيلي. وفي 16 حزيران \ يونيو, باتت في وسع رئيس الحكومة الإسرائيلية دافيد بن- غوريون, أن يكتب في يومياته غوريون كان يتجنب إعطاء الصندوق القومي اليهودي إذنا خطيا لتدمير مسكة وغيرها من القرى وذلك تحاشيا لتوريط نفسه في العملية, على ما يظن.

القرية اليوم

تغطي بساتين الحمضيات الموقع وينبت الصبار في محيط هذه البساتين ولا تزال المدرسة ذات الغرفتين قائمة وهي تستعمل مقرا لنواطير البساتين. ويستخدم المسجد مستودعا لبالات التبن وللأدوات الزراعية. ولا تزال الأجزاء الإسمنتية الكبيرة الباقية من حائط مهدم محيط ببئر القرية ماثلة للعيان. وقد غرس الإسرائيليون أشجار الحمضيات في معظم الأراضي المحيطة.

المغتصبات الصهيونية على اراضي القرية

كانت مستعمرة سدي فابورغ ( 141179) أنشئت في سنة 1938 على أراضي تابعة تقليديا للقرية. كما إن مستعمرة مشميرت (142181) التي أنشئت في سنة 1946 تقع على أراضي القرية قريبا من الموقع الى الجهة الشمالية الغربية. أما رمات هكوفيش (144180) التي أسست في سنة 1932, فتقع على بعد نحو كيلومتر الى الغرب على حط مستقيم من موقع القرية لكن لأعلى أراضيها.

المصدر:
كتاب كي لا ننسى، وليد الخالدي
www.palestineremembered.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *