كانت القرية، القائمة على تل مستطيل ممتد من الشرق إلى الغرب، تشرف على وادي عارة (الذي سميت باسمه) من جهة الشمال. وكان ثمة واد واسع يمتد إلى الجنوب منها. أمّا موقع القرية، في حد ذاته، فكان له أهمية استراتيجية لتحكّمه في المدخل الغربي لوادي عارة، الذي يصل السهل الساحلي بمرج ابن عامر. وكانت قرية وادي عارة قريبة أيضاً من طريق حديرا- عفولاه العام الذي يمتد على محور جنوبي غربي- شمالي شرقي، ويتقاطع مع طريق حيفا-جنين العام، على بعد نحو 13 كلم إلى الشمال الشرفي من القرية. وكان ثمة، فضلاً عن ذلك، طريق آخر يمر قرب الوادي، ويمضي غرباً في اتجاه الطريق العام الساحلي. وقد وصف الجغرافي المسلم، ابن خرداذبه (توفي سنة 912م)، القرية بأنها منزلة بين اللجون وقلنسوة. صُنّفت قرية وادي عارة مزرعةً في ((معجم فلسطين الجغرافي المفهرس)) (Palestine Index Gazetteer)، أيام الانتداب البريطاني. وكان اقتصادها يعتمد بالدرجة الأولى، على الزراعة وتربية الحيوانات. في 1944/1945، كان ما مجموعه 6400 دونم مخصصاً لزراعة الحبوب. وإلى الشمال الغربي من القرية، كان يقع تل الأساور الأثري القليل الارتفاع، والممتد على 30 دونماً من الأرض. وقد نُقب هذا التل في سنة 1953، وتبين أنه يحوي كهوفاً للدفن يعود تاريخها إلى ما بين الألف الرابع والألف الثاني قبل الميلاد.
إحتلال القرية وتطهيرها عرقيا
يقول المؤرخ الإسرائيلي بني موريس أن سكان القرية فروا، في 27 شباط/فبراير 1948، خوفاً من هجوم إسرائيلي. فإذا سلّمنا بصحة قوله كان هذا أول نزوح عرفته المنطقة كلها. غير أن أحد المصادر العربية يبيّن السبب الممكن؛ إذ تشير سجلات قائد جيش الإنقاذ العربي، فوزي القاوقجي، إلى أن قوة يهودية من مستعمرة معانيت هاجمت القرويين الفلسطينيين في منطقة وادي عارة ليل 27-28 شباط/فبراير 1948، وأن جيش الإنقاذ سارع إلى إرسال سرية لحمايتهم، فاشتبكت مع قوات الهاغاناه عند الفجر وكادت تصل إلى المستعمرة اليهودية لو لم تتدخل القوات البريطانية. ويذكر تقرير القاوقجي وقوع إصابة واحدة بين القرويين، وثلاث إصابات في صفوف جيش الإنقاذ، وخمس وعشرين إصابة في صفوف الهاغاناه.
في الأشهر اللاحقة، كانت المنطقة أيضاً مسرحاً لـ ((قتال عنيف)). ويذكر القاوقجي أنه في 8 أيار/مايو ((اشتبكت قواتنا مع قوات العدو في منطقة وادي عارة)). وفي اليوم التالي انطلقت قوة تابعة للهاغاناه، يرافقها بعض السيارات المصفحة، من مستعمرة عين هشوفيط وتوغلت في المنطقة ووصلت إلى وادي عارة، إلاّ أن فصائل جيش الإنقاذ العربي ((قاومتها وصدت هذا الهجوم وأرغمت العدو على التراجع…)). وليس واضحاً متى احتُلّت القرية في نهاية المطاف. لكنها كانت، في نهاية الحرب، تقع قريباً من خطوط الهدنة التي رُسمت، في سنة 1949، بين الأراضي الأردنية والأراضي الواقعة في يد إسرائيل. وقد تم التنازل لإسرائيل بالإكراه عن رقعة واسعة من الأرض في منطقة وادي عارة، في إطار معاهدة الهدنة التي وُقّعت في 3 نيسان/ أبريل 1949؛ ولعل بعض هذه الأراضي يخص القرية. وقد بقي بعض سكان هذه المنطقة في قراهم حتى تموز/يوليو 1949، على الأقل؛ إذ أن موريس يشير إلى ((سكان وادي عارة)) الذين صمدوا ولم تستطع إسرائيل طردهم لاعتبارات السياسة الدولية.
القرية اليوم
يحتل كيبوتس بركائي الموقع. ولم يبق من منازل القرية سوى اثنين يقعان، كلاهما، في الركن الشرقي من الموقع: لأحدهما نوافذ مقوّسة، ودرج لولبي يقود إلى غرفة على السطح؛ وللثاني مدخل كبير يستعمل اليوم بوابة لحوض السباحة التابع للكيبوتس. وتنتشر أشجار التين ونبات الصبّار شرقي المنازل.
المغتصبات الصهيونية على اراضي القرية
في سنة 1934، بُنيت عين عيرون على أراض كانت تابعة تقليدياً للقرية. أمّا معانيت، التي أُسست في سنة 1942، فتقع جنوبي الموقع تماماً، لكن لا على أراضي القرية. كما أُنشئ كيبوتس بركائي في موقع القرية، في 10 أيار/ مايو 1949.