المحرقة

كانت القرية تقع عند منعطف واد, على أراض متعرجة في السهل الساحلي الجنوبي وكانت طريق فرعية- تربطها بالقرى المجاورة, وبطرق غزة- بئر السبع العام. خلال الحكم المملوكي (1250-1517) كان أراضي القرية, ومثلها الفائض من محاصيلها الزراعية, موقوفة على قبة الصخرة في القدس و على مسجد آخر في غزة. في سنة 1569 كانت المحرقة قرية في ناحية غزة(لواء غزة) وفيها 457 نسمة. وكانت تدفع الضرائب على عدد من الغلال كالقمح والشعير, بالإضافة على عناصر أخرى من الإنتاج كالماعز وخلايا النحل. ويبدو أن القرية التي كانت قائمة في القرن السادس عشر للميلاد, هجرت في زمن ما بين القرنين السابع عشر والثامن عشر, لأن رحالة هذين القرنين لا يأتون إلى ذكرها. ومن المرجح أن تكون أهلت من جديد في أواخر السبعينات من القرى التاسع عشر.
كان شكل القرية الإجمالي مستطيلا. وقد استمرت في التوسع في الأزمنة الحديثة بشكل مستطيل في موازة الطرق المؤدية إلى الطريق العام, وإلى قرية كوفخة. أما سكانها مسجد ومدرسة فتحت أبوابها في سنة 1945, وبلغ عدد المسجلين فيها 60 تلميذا في الأربعينات. وكان المسجد والمدرسة وعدد من المتاجر الصغيرة تشكل مركز القرية. وكانت مياه الاستعمال المنزلي تستمد من بئر عمقها 90 مترا مالحة الماء قليلا, تضاف إليها مياه الأمطار التي تتجمع في بعض الأحواض المنزلية القليلة العمق.
كانت الزراعة البعلية مصدر عيش السكان الأساسي, وكانت الحبوب- و لاسيما الشعير- المحصول الرئيسي. وفي الأعوام الأخيرة من الانتداب البريطاني, كان سكانها يغرسون أيضا ما مجموعه 12 دونما مرويا أو مستخدما للبساتين و 4622 الأثرية في المحرقة تشمل أرضية من الفسيفساء وصهاريج, وبقايا من المرمر والخزف. وعلى الرغم من أن المصادر البيزنطية لم تأت إلى ذكر القرية, إلا أن ثمة ما يشير إلى أنها كانت آهلة فعلا في تلك الفترة.

إحتلال القرية وتطهيرها عرقيا 

شن لواء هنيغف (النقب) التابع للبلماح هجوما على القرية في 27 -28 أيار \ مايو 1948, في الفترة نفسها التي هاجم قرية كوفخة. وجاء في نبأ لصحيفة(نيورك تايمز) أن القرية سقطت في 29 أيار\ مايو. ويقول المؤرخ الإسرائيلي بني موريس إن سكانها طردوا منها في ذلك الوقت, لكن يبدو أن القرية لم تصبح بكاملها مدمرة ومهجورة إلا في 16 آب \آغسطس. وفي ذلك الوقت كانت القوات الإسرئيلية متقيدة بشروط الهدنة الثانية رسميا. غير أن موريس يقول إن تلك القوات عمدت إلى زرع الألغام في القرية وتدميرها لأسباب وصفت بأنها (عسكرية).

القرية اليوم

تغطي الأشواك والحشائش القصيرة الموقع, وتحيط أشجار الكينا به. ومن معالم الموقع ركام من أنقاض المنازل وفي جملتها ديوان القرية. وثمة أيضا بقايا طاحونة وبئر. ولا تزال المقبرة التي تغطيها الحشائش البرية بادية للعيان, لكن خربة ويشاهد الجزء الأعلى من أحد القبور واقعا على الأرض. أما الأراضي المجاورة فيستغلها الإسرائيليون.

المغتصبات الصهيونية على اراضي القرية

في سنة 1950 أقيمت مستعمرة يخيني على أراضي القرية, إلى الشمال من موقعها.
واستنادا إلى موريس فإن مستعمرة تكوم الإسرائيلية (ويسميها موريس تأكوماه) أنشئت على أراضي المحرقة في سنة 1949 لكن يتبين عند التدقيق, أن هذه المستعمرات تقع على أراض كانت في الماضي تابعة لمدينة غزة, على الرغم من أنها تقع على بعد كيلومترين فقط إلى الغرب من موقع القرية.

المصدر:
كتاب كي لا ننسى، وليد الخالدي
www.palestineremembered.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *