دير أيوب

كانت القرية، القائمة على منحدرات تواجه الجنوب الغربي، تشرف على طريق الرملة-القدس العام، وتصلها طريق فرعية به. وفي الجانب الشمالي الغربي من القرية موضع كان سكانها يعتقدون أنه قبر النبي أيوب. في سنة 1596، كانت دير أيوب قرية في ناحية الرملة (لواء غزة)، وعدد سكانها 94 نسمة. وكانت تؤدي الضرائب على عدد من الغلال كالقمح والشعير والفاكهة، بالإضافة إلى عناصر أُخرى من الإنتاج والمستغلات كالماعز وخلايا النحل وكروم العنب.
في أواخر القرن التاسع عشر، كانت دير أيوب مزرعة صغيرة على سفح تل. وكان سكانها في معظمهم من المسلمين، ومنازلها مبنية بالحجارة والطين. وقد تمددت القرية في موازاة الطرق التي تصلها بالقرى الأُخرى، وموّل سكانها بناء مدرسة في سنة 1947 (كان عدد المسجلين فينها وقتئذٍ واحداً وخمسين تلميذاً)، كما دفعوا راتب المدرس فيها. كانت الزراعة مورد الرزق الأساسي، وكانت بعلية في معظمها ومركّزة شمالي القرية وشماليها الغربي. وكان سكانها يزرعون عدة أنواع من الغلال، كالحبوب والفاكهة- وفي جملتها العنب والتين والرمان- والخضروات. في 1944/1945، كان ما مجموعه 2769 دونماً مخصصاً للحبوب، و127 دونماً مروياً أو مستخدماً للبساتين؛ منها 10 دونمات حصة الزيتون.

إحتلال القرية وتطهيرها عرقيا 

هاجمت القوات الصهيونية دير أيوب قبل أشهر عدة من الاستيلاء عليها فعلاً. ففيما وصفته ((نيويورك تايمز)) بأنه هجوم انتقامي آخر شنه اليهود))، أغار خمسة وعشرون رجلاً على القرية في 21 كانون الأول/ديسمبر 1947؛ وذلك استناداً إلى مختار القرية. وقد ألقى المهاجمون القنابل على ثلاثة منازل، لكن لم يبلغ وقوع إصابات. وبعد ستة أسابيع تقريباً، أي في 7 شباط/فبراير 1948، دخلت القوات البريطانية القرية ودمّرت منزلين. وجاء في بلاغ بريطاني نقلته صحيفة ((فلسطين)) أن المنزلين كانا يستعملان لإطلاق النار على القوافل اليهودية المارة قرب القرية.
استناداً إلى ((تاريخ الهاغاناه))، فإن القرية احتُلّت ثلاث مرّات في أثناء المعارك التي دارت حول اللطرون في أيار/مايو وحزيران/يونيو 1948؛ ذلك بأن سلسلة من العمليات شُنّت، عقب عملية نحشون، لاحتلال القرى الواقعة على المشارف الغربية للقدس وتدميرها، والسيطرة على نتوء اللطرون الاستراتيجي. سقطت دير أيوب أول مرة في 16 أيار/مايو 1948، في إطار عملية مكابي. وقد تم هذا السقوط على يد لواء هرئيل التابع للبلماح. ويبدو أن وحدات هذا اللواء انسحبت في وقت لاحق، فاحتلّت القرية ثانية من قبل قوة قوامها وحدات من لواء غفعاتي ومن اللواء شيفع (السابع)، في أواخر أيار/مايو؛ وكان ذلك في إطار عملية بن-نون التي هدفت إلى احتلال اللطرون. وفي المرة الثانية هذه، دخلت القوات الإسرائيلية القرية ((بلا مقاومة))، غير أنها انسحبت منها فوراً تحت وابل من النيران.
أما المؤرخ الإسرائيلي بني موريس فلا يذكر سوى أن دير أيوب أُخليت من سكانها جرّاء الهجوم عليها في نيسان/أبريل 1948. وهذه المعلومة وإنْ لم تكن مناقضة للروايات الرسمية الإسرائيلية، فهي توحي بأن القرية تنقّلت بين أيدي المتحاربين أكثر من مرة قبل نهاية الحرب. ومن الجائز أن تكون جرت محاولة أخرى لاحتلال القرى في أثناء الهجوم الرابع يبدو أنها ظلّت خارج نطاق الاحتلال في فترة الهدنة الثانية. وقد بلغت مصدر الجيش العربي صحيفة ((نيويورك تايمز))، في 15 آب/ أغسطس، أن إسرائيل أرادت أن تحتل دير أيوب (خرقاً لاتفاقية الهدنة)، وأن الهجوم الإسرائيلي صُدّ. وآل الأمر بالقرية إلى الوقوع قرب خطوط الهدنة التي رُسمت في سنة 1949.

المغتصبات الصهيونية على اراضي القرية

لا مستعمرات إسرائيلية على أراضي القرية. أما مستعمرة مفو حورون، التي أُسست في سنة 1970، فتقع شمالي موقع القرية.

المصدر:
كتاب كي لا ننسى، وليد الخالدي
www.palestineremembered.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *