لوبيا

كانت القرية تنهض على قمة تل صخري مستطيل الشكل يمتد من الشرق الى الغرب, وتشرف على سهل ترعان من جهة الجنوب. وكانت تنقسم قسمين, شرقي وغربي, تفصل بينهما طريق فرعية تصل القرية بطريق طبرية – الناصرة العام وقد عرفها الصليبيون باسم لوبيا. والى لوبيا نسب أبو بكر اللوبياني, العالم الديني الذي اشتهر في القرن الخامس عشر للميلاد, والذي درس علوم الدين في دمشق. في سنة 1596 كانت لوبيا قرية في ناحية طبرية (لواء صفد)وعدد سكانها 1177 نسمة وكانت تؤدي الضرائب على الماعز وخلايا النحل و على معصرة كانت تستخدم لعصر الزيتون أو العنب.
في سنة 1743 توفي في لوبيا سليمان باشا, والي دمشق, وهو في طريقه لمحاربة ظاهر العمر الذي حاكم فلسطين الشمالية الفعلي لمدة قصيرة في النصف الأول من القرن الثامن عشر في أوائل القرن التاسع عشر و وصف الرحالة البريطاني بكنغهام لوبيا بأنها قرية كبيرة قائمة على راس تل وقد أشار الرحالة السويسري بوركهارت (الذي كتب في سنة 1822) الى نبات الخرشوف (الأرضي شوكي)البري الكثير, والذي يغطي السهل الذي كانت القرية تقع فيه في وقت لاحق من القرن التاسع عشر وصفت لوبيا بأنها قرية مبنية بالحجارة على حرف من الصخر الكلسي الأبيض وكان سكانها الذين تراوح تقدير عددهم بين 400,700 نسمة يعنون بزراعة التين والزيتون , وكانت المنازل القديمة العهد متجمهرة في القسم الشرقي من القرية(ومثلها المنازل الأحدث عهدا التي أنشئت في الفترة الانتداب البريطاني ). ولعل ذلك يعزى الى كون هذا القسم مشرفا على أراضي القرية الزراعية. وكان سكان القرية معظمهم من المسلمين و في سنة 1895 , أيام العثمانيين أنشئت مدرسة ابتدائية في القرية وظلت تعمل في عهد الانتداب البريطاني وخلال هذه الفترة أيضا كانت لوبيا تعتبر ثانية كبرى القرى في قضاء طبرية من حيث المساحة.
كان اقتصاد القرية يعتمد على الزراعة, اذاكانت أرضها خصبة وقمحها ذائع الصيت في المنطقة. وكان القمح يزرع في حقول منخفضة ترعان, بينما كان شجر الزيتون يستنبت على المنحدرات الجبلية شمالي القرية. في 1944/1945 كان ما مجموعه 31026 دونما مخصصا للحبوب ,1655 دونما مرويا أو مستخدما للبساتين.
كانت القرية مبنية فوق بقايا مواضيع كانت آهلة سابقاً ولذلك كانت موقعا اثريا. وعلى بعد كيلومترين الى الشرق من القرية كانت أطلال بناء يعرف بخان لوبيا (192242) يحتوي على بقايا حوض وصهاريج وحجارة بناء كبيرة الحجم منن الأرجح أن هذا الموقع كان خانا أيام العثمانيين.

إحتلال القرية وتطهيرها عرقيا 

نشرت الصحافة الفلسطينية نبا هجوم قامت القوات الصهيونية على لوبيا ليل 20 كانون الثاني / يناير 1948 , وقتل نتيجته واحد سكان القرية واستنادا الى نبا ورد في صحيفة (فلسطين) فان هذه الغارة المبكرة قد نسقت مع غارة أخرى عند شنت على قرية ترعان المجاورة. كما حدث اشتباك آخر عند مشارف لوبيا صبيحة 24 شباط / فبراير إذا جرت مناوشة مع قافلة يهودية دامت أربع ساعات وخلفت قتيلا وجريحين من استنادا الى رواية صحيفة (فلسطين) كما وقع هجوم آخر في الأسبوع الأول من آذار / مارس 1948 . ويذكر المؤرخ الفلسطيني عارف أن جنود الهاغاناه حاولوا أن يشقوا طريقهم عنوة عبر الطريق الممتد بين طبرية والشجرة وأغاروا على لوبيا عند افجر . وقد بلغوا المشارف الغربية للقرية لكن سكانها تصدوا لهم فقتلوا سبعة منهم في حين فقدوا ستة كذلك أوردت صحيفة (فلسطين) نبا تسلل آخر في 11 آذار مارس مهد له بقصف مدفعي .
بعد سقوط طبرية في أواسط نيسان /ابريل 1948 شعر سكان لوبيا أنهم باتوا معزولين فالتفوا الى الناصرة طلبا للمعونة والإرشاد وهو ما ذكره سكان القرية أنفسهم. فقد قالوا للمؤرخ الفلسطيني نافذ نزال أن هجوما آخر على لوبيا وقع في 10-11 حزيران / يونيو, قبيل ابتداء الهدنة الأولى في الحرب. وفي الوقت نفسه و هاجم جيش الإنقاذ العربي مستعمرة سجره الواقعة الى الجنوب الغربي.
وذكر السكان إن وحدة من المشاة الإسرائيلية اتخذت مواقع لها في الطرف الجنوبي للقرية. لكنها انسحبت بحلول اليل في 11 حزيران يونيو. كما شاركت ميليشيا القرية لمدة وجيزة جيش الإنقاذ العربي في هجومه على سجرة, لكنها عادت لحماية القرية أثناء الهدنة. وبعد الهدنة شنت القوات الإسرائيلية عملية ديكل (انظر عمقا قضاء عكا ) وفي تموز / يوليو جاء بعض السكان بنبأ سقوط الناصرة. وقد ذعر سكان القرية بحسب ما جاء على لسان بعض من أجريت مقابلات معهم خلال خمس وعشرين عاما وطلبوا المعونة العسكرية من عرق الإنقاذ العربي المرابطة في الجوار, لكن طلبهم لم يستجب وفي ليل 16 تموز / يوليو غادرا في معظمهم متجهين الى قريتي نمرين وعيلبون و منهما الى ابنان مخلفين وراءهم ميليشيا القرية وبعض المسنين. وعندما اقتربت إحدى الوحدات الإسرائيلية المدرعة من القرية اليوم التالي قررت المليشيا القليلة السلاح أن تنسحب. وقال شهود عيان أن القوة الإسرائيلية المحتلة قصفت القرية قبل دخولها ثم دمرت بعض المنازل وصادرت بعضها الآخر. وقد بجا بعض المسنين الى كهف قريب وهرب عدد قليل منها لاحقا ولا يعلم شيء عن مصير الباقين ويقول (تاريخ حرب الاستقلال) أن لوبيا سقطت من دون قتال وفتح الطريق أمامنا الى طبرية.

القرية اليوم

غرس الصندوق القومي اليهودي وهو الذراع المختصة باستملاك الأراضي وإدارتها في المنطقة الصهيونية العالمية, غابة صنوبر لافي في الجهة الغربية من الموقع كما غرست غابة أخرى في الجوار باسم جمهورية جنوب أفريقيا. وقد غاب حطام منازل هاتين القريتين ومن معالم الموقع الباقية بضع آبار مفرقة (كان سكان القرية يستخدمنها في جمع مياه الأمطار). وبنيت هناك أشجار الرومان و التين وقليل من نبات الصبار. أما الأراضي المحيطة بالموقع فيحرثها سكان المستعمرة المجاورة وقد غرست غابة قرب الموقع وأنشئ متحف عسكري تكريما للواء غولاني احد ألوية الجيش الإسرائيلية ولا يزال في الامكان رؤية معالم الطريق الفرعية التي كانت ذات مرة تصل القرية بطريق طبرية ؟ الناصرة العام.

المغتصبات الصهيونية على اراضي القرية

أنشئت مستعمرة لافي (191243) في سنة 1949. على القسم الشمالي الشرقي من أراضي القرية.

المصدر:
كتاب كي لا ننسى، وليد الخالدي
www.palestineremembered.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *