قطرة

كانت القرية مبنية على مرتفع من الصخر الكلسي في السهل الساحلي الأوسط، وتبعد نحو كيلومتر إلى الجنوب من وادي الصرار. وكانت وصلة تربطها بالطريق العام المؤدي إلى الرملة وسواها من المدن، كما كانت طرق فرعية تصلها ببضع قرى مجاورة. وقد عُدت قطرة قائمة في موقع بلدة كيدرون (Kidron) الهلنستية، والمعروفة أيضاً باسم قدرون (المكابيون الأول 15: 39). في أيام الرومان، كانت كيدرون تابعة إدارياً لناحية أزوتوس هيبينوس (Azotus Hippenus) (إسدود)، وكانت في القرن الرابع للميلاد بلدة كبيرة فيما يبدو. ولا يُعرف شيء كثير عن الموقع في العصور الإسلامية الأولى. في سنة 1596، كانت قطرة قرية في ناحية غزة (لواء غزة)، وعدد سكانها 336 نسمة. وكانت تؤدي الضرائب على عدد من الغلال كالقمح و الشعير والسمسم والفاكهة، بالإضافة إلى عناصر أخرى من الانتاج كالماعز وخلايا النحل.
في سنة 1852، زار روبنسون قطرة وقال إنها قرية كبيرة الحجم. وفي أواخر القرن التاسع عشر، كانت قطرة قرية مبنية بالطوب ومحاطة بالحدائق . في عهد الانتداب، كانت القرية تدعى قطرة إسلام للتفريق بينها وبين قطرة يهود، الحصن اليهودي المتاخم. وكانت مستطيلة الشكل، ومنازلها مبنية بالطوب أو بالأسمنت. وكان يتوسط قطرة مسجد وبضعة متاجر، وكان السكان في معظمهم من المسلمين. في سنة 1923، أُسست في القرية مدرسة ابتدائية مختلطة، كان يؤمها 123 صبياً و8 بنات في أواسط الأربعينات. وعندما امتد البناء، زمن الانتداب، على ما كان يُعد أرضاً زراعية، توسعت المنطقة المبنية في اتجاه الجنوب الشرقي.
كانت الزراعة مورد الرزق الأساسي لسكان القرية، وذلك لوفرة مياهها الجوفية وتربتها الخصبة. فكانوا يزرعون أنواعاً من الغلال كالحبوب الخضروات والفاكهة، وكان بعضها بعلياً وبعضها الآخر مروياً بمياه الآبار الارتوازية. وكانت البساتين والحقول المزروعة تحيط بالقرية من الجهات كافة. في 1944/ 1945، كان ما مجموعه 391 دونماً مخصصاً للحمضيات والموز، و4320 دونماً للحبوب، و215 دونماً مروياً أو مستخدماً للبساتين؛ منها 30 دونماً حصة الزيتون. وكانت القرية الحديثة مبنية فوق موقع روماني وبيزنطي، دلّت عليه أرضيات من الفسيفساء وأُسس أبنية وشظايا فخارية.

إحتلال القرية وتطهيرها عرقيا 

أول التقارير عن نشاط الهاغاناه العسكرية في قطرة جاء في نبا نشرته صحيفة ((فلسطين)) عن تعرض عمال عرب، في 13 آذار/مارس 1948، لإطلاق النار بينما كانوا يجنون الفاكهة من بعض البساتين، وعن جرح خمسة منهم. بعد شهر من ذلك التاريخ، أظهر نبأ نشرته صحيفة ((نيويورك تايمز)) أن فرقة الهاغاناه انتقلت إلى قلعة الشرطة في قطرة يوم 17 نيسان/أبريل، وذلك بعد أن أخلاها البريطانيون.
يقول المؤرخ الإسرائيلي بني موريس أن وحدات من لواء غفعاتي طوقت القرية في 6 أيار/مايو، وطلبت من السكان أن يسلموا أسلحتهم كلها. بعد ذلك يروي موريس تسلسل الحوادث كالتالي: حاول بضع عشرات من الرجال المسلّحين أن يشقوا طريقهم إلى خارج القرية، لكن الهاغاناه منعتهم. وسلّم السكان عدة بنادق إلى جنود لواء غفعاتين الذين دخلوا القرية على الرغم من ذلك. بعد ذلك شرع الجنود ينهبون القرية، وأطلق أحد السكان النار على جندي إسرائيلي فأرداه. وكان نتيجة ذلك أن اعتقلت الهاغاناه نفراً من سكان القرية، ((وفي غضون أيام قليلة [بحسب ما يروي موريس]، أرهبت باقي السكان لحملهم على الفرار، أو أمرتهم بالمغادرة)). وتوافق رواية الهاغاناه الرسمية رواية موريس في أن قطرة احتُلّت في ذلك الوقت تقريباً، لكنها تذكر (خطأً في أغلب الظن) أن لواء ألكسندروني هو الذي احتل القرية.

القرية اليوم

لم يبق منها إلاّ المدرسة وبضعة منازل مهجورة. وينبت الصبّار في الموقع، كما يوجد عدد من شجر النخيل هنا وهناك. ويزرع الإسرائيليون الأراضي المحيطة.

المغتصبات الصهيونية على اراضي القرية

في سنة 1884، أنشأ الصهيونيون مستعمرة غديره جنوبي موقع القرية تماماً؛ وقد تحولت اليوم إلى بلدة، وبات الكثير من أبنيتها يقع على أراضي القرية. كما أُنشئت مستعمرة كدرون على أرضي القرية في سنة 1949.

المصدر:
كتاب كي لا ننسى، وليد الخالدي
www.palestineremembered.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *