المغار

كانت القرية مبنية على ثلاث تلال قليلة الارتفاع في منطقة مستوية، إجمالاً، في السهل الساحلي الأوسط، على طريق عام يمتد نحو الشمال الشرقي ويوصل إلى الرملة. وكان مطار عاقر العسكري يبعد بضعة كيلومترات إلى الشرق من موقعها، كما كان وادي المغار يحدها من الجنوب. وكان موقع القرية يحوي آثاراً تدل على أنه كان آهلاً منذ القدم. وكانت إحدى التلال، التي تقوم القرية عليها، تضم عاديّات تعود ؟فيما يعتقد- إلى أيام الكنعانيين. في أوائل العصور الاسلامية، كانت المغار من المضارب الموسمية التي تحل قبيلة لخم العربية فيها. ويقول الجغرافي المسلم ياقوت الحموي (توفي سنة 1229) أن المغار كانت من قرى الرملة، وأن الفقيه أبو الحسن محمد المغاري ولد فيها في القرن الثامن للميلاد. في سنة 1596، كانت المغار قرية في ناحية غزة (لواء غزة)، وعدد سكانها 121 نسمة. وكانت تؤدي الضرائب على عدة محاصيل، منها القمح والشعير والسمسم والفاكهة.
في أواخر القرن التاسع عشر، كانت المغار قرية مبنية بالطوب على السفح الجنوبي لإحدى التلال. وكانت محاطة بالمراعي وبساتين التين. وفي النصف الأول من القرن العشرين، كانت منازلها مبنية بالحجارة والأسمنت والطين. وكانت تتجهمر في مجموعات تتألف كل منها من عدة منازل متقاربة جداً، وتنتشر في اتجاه وادي المغار وفي اتجاه الدروب المارة بالقرية. وقد توسع البناء في أثناء فترة الانتداب، وبُنيت المنازل على التلتين الأخريين-الشمالية والجنوبية- اللتين كانتا على جانبي التلة الآهلة أصلاً، وكذلك على جانبي الطريق المؤدية إلى قرية يبنة المجاورة. كان سكان القرية في معظمهم من المسلمين، وفيها مسجد وبضعة متاجر صغيرة. وقد وظّف سكانها نحو 5000 جنيه فلسطيني لإقامة مدرسة ابتدائية على 22 دونماً من الأرض، وبلغ عدد التلامذة المسجلين فيها 190 تلميذاً في أواسط الأربعينات.
كانت أرض القرية غنية بالمياه الجوفية، وجيدة للزراعة التي كانت مورد الرزق الأول لسكانها. فقد كانوا يزرعون عدة أنواع من المزروعات، منها الحبوب البعلية والفاكهة والخضروات المروية. في 1944/1945، كان ما مجموعه 1772 دونماً مخصصاً للحمضيات والموز، و9075 دونماً للحبوب، و86 دونماً مروياً أو مستخدماً للبساتين؛ منها 22 دونماً حصة الزيتون.

إحتلال القرية وتطهيرها عرقيا 

هوجمت المغار في 10 شباط/فبراير 1948، وفق ما جاء في بلاغ صدر عن قوات المجاهدين العرب الموجودة يف منطقة يافا، بقيادة حسن سلامة. ولم يذكر البلاغ، الذي نشر في صحيفة ((فلسطين))، شيئاً غير أن قافلة يهودية اقتربت من القرية وأطلقت النار على سكانها من جانبي الطريق، من دون أي ذكر لعدد الإصابات. ونقلت صحيفة ((نيويورك تايمز)) نبأ هجوم آخر في 29 آذار/مارس 1948، لم يُكتشف إلا بعد أن اكتُشف حطام عربة مصفحة انفجرت خلال الهجوم على القرية. وقد انتُشلت من الحطام جثث ستة جنود يهود، ولم يُؤت إلى ذكر أية إصابات عربية.
اجتاح لواء غفعاتي التابع للهاغاناه القرية في 15 أيار/مايو، عند بداية عملية براك. وذكرت ((نيويورك تايمز)) أن القوات اليهودية المتجهة جنوباً استولت على ((القلعة العربية)) في هذه القرية المتحكمة في الطريق إلى النقب. وبحلول الشهر اللاحق، كان الصندوق القومي اليهودي قد بدأ يسوّي القرية بالأرض. ويروي المؤرخ الإسرائيلي بِني موريس أن يوسف فايتس، من كبار المسؤولين في الصندوق القومي اليهودي، أرسل في 10 حزيران/يونيو اثنين من موظفيه للتجول في السهل الساحلي، من أجل تحديد القرى التي يجب تدميرها وتلك التي يجب أن يوطّن اليهود فيها. وقد أعلم أحد هذين الموظفين فايتس بأنه أتم الترتيبات للشروع في تدمير المغار في اليوم التالي تحديداً. وفي 14 حزيران/يونيو، تلقى فايتس تقريراً عن سير عملية التدمير، وتوجه في اليوم التالي ليرى ما بقي من المغار، وكتب لاحقاً: ((ثلاث جرافات تنهي عملية التدمير. وقد دُهشت من أنه لم يتحرك شيء فيّ أمام المشهد… لا الأسف ولا الحقد، لأن هذه حال الدنيا… لم يكن سكان منازل الطوب هذه يريدون وجودنا هنا)).

القرية اليوم

لا تزال بضعة منازل قائمة: أربعة منها تقيم فيها أُسر يهودية، والباقي مهجور. ولا يزال بعض حيطان المنازل المهدّمة قائماً. وينبت الصبّار في الموقع.

المغتصبات الصهيونية على اراضي القرية

في سنة 1948، أُنشئت مستعمرة بيت إلعازاري على أراضي القرية.

المصدر:
كتاب كي لا ننسى، وليد الخالدي
www.palestineremembered.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *