يازور

كانت القرية تقع في رقعة مستوية من الأرض في السهل الساحلي الأوسط, وتتصل بيافا والرملة من خلال الطريق العام الممتد بين هاتين المدينتين, وباللد ويافا بواسطة خط سكة الحديد الذي يصل أحداهما بالأخرى. ويعود تاريخ أقدم الأدلة المتاحة لدينا على سكني الموقع الى العصر الحجري- النحاسي ( نحو 500 ق. م.) . فقد احتوى كهفان في ياوزر- على اثنين من أفضل القبور العائدة الى ذلك العصر, والمعروفة في ساحل فلسطين. وقد ذكر يازور في حوليات الملك الآشوري سنحريب ( أوائل القرن الثامن قبل الميلاد) باسم آزورو. في القرن الثاني عشر, تنافس المسلمون والصليبيون في شأن القرية, وانتقلت من يد هؤلاء ياقوت الحموي ( توفي سنة 1229 م) بأنها صغيرة ولد فيها نفر من أهم الشخصيات في العهد الفاطمي أبرزهم الحسن بن علي الياوزر الذي صار وزيرا واسع النفوذ في سنة 1050م [(معجم), مذكور في الخالدي1968: 221- 222, أنظر أيضا د: 4\2 : 307- 312]. في سنة 1596 كانت يازور قرية في ناحية الضرائب على عدد من الغلال كالقمح والشعير والفاكهة والسمسم, بالإضافة الى عناصر أخرى من الإنتاج والمستغلات كالماعز وخلايا النحل. وقد ذكر الرحالة المتصوف البكري الصديقي (الذي جال في المنطقة في أواسط القرن الثامن عشر) والرحالة مصطفى الدمياطي ( توفي سنة 1764) أنهما زارا مقام سيدنا مقام يازور[ مذكور في الخالدي 1968: 222]. في أواخر القرن التاسع عشر, كانت يازور قرية مبنية بالطوب وتنتشر فيها الحدائق والآبار. وقد كان في القرية مقام له قبة.
كانت يازور الحديثة مقسمة الى أربعة إحياء حي لكي من الحمائل الأربع المقيمة فيها. وكانت المنازل مبنية بالحجارة أو بالطوب والقش, وكانت تشيد في مجموعات تدعى الأحراش مشترك له مدخل واحد, وغالبا ما يكون بوابة مقنطرة. في 1944\1945, كان سكان يازور يتألفون من 4010 مسلمين, و20 مسيحيا. وكان في القرية مدرستان: واحدة للبنين ( أنشئت في سنة 1920), وأخرى للبنات ( فتحت أبوابها في سنة 1933). وكانت مدرسة البنين تشغل مساحة 27 دونما ( كان معظمها يستخدم لتدريب التلامذة على المهارات الزراعية), وكان فيها المسجلين في المدرستين 430 تلميذا 1947, كان عدد التلامذة المسجلين في المدرستين 430 تلميذا و 160 تلميذة. وكانت بقايا القلعة ريتشارد قلب الأسد في سنة 1191 مرئية على تلة داخل القرية. وقد جدد بناء الكنيسة الصليبية ليصبح مسجد يازور. وكان المسجد يشكل مع المقهى والسوق مركز القرية.
كانت الزراعة عماد اقتصاد ياوزر. وفي سنة 1944 زرعت الحمضيات في 6272 دونما من الأرض, وخصص 1441 دونما للحبوب. وكانت الزراعة بعلية ومروية معا, وكان 1689 دونما مرويا أو مستخدما للبساتين. وخلال الحرب العالمية الثانية, شرع سكان القرية في تربية البقر من نوع هولشتاين. وبحلول سنة 1947, كانت آبار ارتوازية عدة تستخدم للري.

إحتلال القرية وتطهيرها عرقيا 

يروي المؤرخ الإسرائيلي بني موريس أن وحدات البلماح بدأت في كانون الثاني \ يناير وشباط\ فبراير 1948, تخرب منازل يازور, مستخدمة أسلوب هجمات اضرب واهرب. وتشير مصادر أخرى تل أبيب تعرضت للإغارة منذ كانون الأول \ ديسمبر, انطلقت فيه شاحنة خفيفة مسرعة عبر يازور, ورمى من فيها بعض القنابل على المقهى وعلى أحد محلات الحلاقة, من دون أن يسفر ذلك عن وقوع أية إصابات. ويذكر المؤرخ الفلسطيني عارف العارف أن جنودا صهيونيين تنكروا, في 18 كانون الأول\ ديسمبر, بزي الجنود البريطانيون تنكروا, انطلقت فيه شاحنة خفيفة مسرعة عبر يازور, الواقعة في منطقة مكشوفة عرضة للهجمات خارج تل أبيب تعرضت للإغارة منذ كانون الأول \ ديسمبر, انطلقت فيه شاحنة خفيفة مسرعة عبر يازور, ورمى من فيها بعض القنابل على المقهى وعلى أحد محلات الحلاقة, من دون أن يسفر ذلك عن وقوع أية إصابات. ويذكر المؤرخ الفلسطيني عارف العارف أن جنودا صهيونيين تنكروا, في 18 كانون الأول\ ديسمبر, بزي الجنود البريطانيين واندفعوا داخل القرية ورشقوا مقهى يقع على الطريق الرئيسي بقنابل عدة بسبب انفجارها ستة من سكان القرية.
وجاء في صحيفة(نيويورك تايمز) أن الوكالة اليهودية طالبت السلطات البريطانية, بعد مرور خمسة أيام على هذه الحادثة, بفرض حظر التجول على ياوزر وعلى (مواطن الشغب) العربية الأخرى. بعد ذلك ذكرت صحيفة (فلسطين), في 30 كانون الأول \ ديسمبر, أن دورية من سكان القرية اكتشفت مجموعة صهيونية مغيرة تزرع ألغاما في بعض منازل يازور وأرغمتها على الانسحاب. كما أوردت الصحيفة نبأ غارتين أخريين وقعتا في الشهر التالي, في 30,8 كانون الثاني\ يناير, وقتل في الغارة الثانية التي نفذها مهاجمون انطلقوا من مستعمرة موليدت رجل عجوز تحت ركام منزل تهدم. وذكرت (( نيويوك تايمز)), في 22 كانون الثاني \ يناير, أن قافلة يهودية هوجمت بالقرب من القرية, وبعد مضي ثلاثين دقيقة وقعت شاحنة تنقل عمالا من ياوزر في كمين فقتل 3 من القرويين وجرح 12.
خلال الشهر التالي, في 12 شباط \ فبراير, شن هجوم بالهاون والرشاشات على ياوزر وعلى ضاحية أبو كبير, من ضواحي يافا, المجاورة لها. وقد بدأ الهجوم قبيل منتصف الليل واستمر حتى الفجر. وأفيد عن وقوع خمسة جرحى في ياوزر وتدمير 7 منازل فيها وفي الضاحية المذكورة وذلك بحسب ما جاء في صحيفة(نيوبورك تايمز) ووصفت صحيفة( فلسطين)هذا الهجوم بأنه الأعنف على يازور حتى ذلك التاريخ, وقالت إن شخصا واحدا استشهد وثلاثة منازل نسفت كما وقعت غارة كبرى غير هذه عند فجر يوم 20 شباط \ فبراير, حين تقدمت غطاء من مدفعية الهاون. ودمر المهاجمون الذي استخدموا الدبابات والعربات المدرعة (استنادا الى تقرير نشر في صحيفة فلسطين)معمل ثلج ومنزلين, وقتلوا أحد السكان وجرحوا أربعة آخرين. وقد تواصلت الغزوات على نحو أسبوعي تقريبا, حتى تم احتلال القرية.
وجاء في أكثر من تقرير أن القرية سقطت في 30 نيسان \ أبريل 1948, عندما تم في سياق عملية حميتس (أنظر بيت دجن,قضاء يافا) اجتياح القرى المحيطة بيافا وتطويق المدينة. وتشير السجلات التي احتفظ بها قائد جيش الإنقاذ العربي, فوزي القاوقجي, الى أن جيش الإنقاذ قام بمحاولة لصد الهجوم عن طريق إرسال وحدة مجهزة بمدفعي ميدان الى يازور, لقصف تل أبيب وتخفيف الضغط عن يافا. لكن هذه الوحدة انسحبت في 28 نيسان\ أبريل للاشتراك في معركة أخرى, فسقطت يازور بعد مدة وجيزة في جملة ما سقط من قرى المنطقة. وكتب بني موريس أن القرية سقطت في 1 أيار\ مايو, وأن السلطات البريطانية أعربت في البداية عن معارضتها احتلال القرية, ووجهت إنذارا الى الهاغاناه بأنها ستقصف مواقعها في يازور, التي كانت تقع على طريق عام مهم, إذا لم تقم بإخلاء القرية في 5 أيار\ مايو. لكن سرعان ما تم التوصل الى تسوية سلمت الهاغاناه بموجبها البريطانيين المنازل المشرفة على الطريق, في حين بقيت تحتل باقي القرية. ثم إن البريطانيين انسحبوا من فلسطين بعد ذلك بأسبوعين, وفي تموز\ يوليو كانت يازور تستخدم مقرا للقيادة العسكرية الإسرائيلية في عملية داني(أنظر أبو الفضل, قضاء الرملة).
وذكرت صحيفة( نيورك تايمز),عند احتلال الباقيين في الهاغاناه استولت على(أحد المعتقلين الأخيرين الباقين في القضاء), وأنها باتت لذلك( في موقع من يملي الشروط أكثر مما هي في موقع من يصغي).

القرية اليوم

ما زال مقاما القرية قائمين. أحد هذين المقامين مبني بالحجارة, ويعلو سقفه اثنتا عشرة قبة تتوسطها قبة أكبر منها. ولا يزال بعض الأبنية والمنازل سليما: منه ما هو مهجور, ومنه ما يستعمل لأغراض متنوعة . أحد المنازل تسكنه عائلة يهودية, وهو بناء من الأسمنت مؤلف من طبقتين, وله بابا مستطيل وسقف معدل على شكل الجملون. وثمة بناءان أسمنتيان آخران مهجوران, كل منهما مؤلف من طبقتين. وقد حول بناءان صغيران الى متجرين: الأول متجر ألبسة إسرائيلي, والآخر يشتمل على مطبعة ومحل لتصليح و تركيب أنابيب. وفي الموقع أشجار السرو والتين والجميز ونبات الصبار. أما الأراضي المجاورة فيزرعها الإسرائيليون.

المغتصبات الصهيونية على اراضي القرية

أنشئت مكفي يسرائيل (129159), في سنة 1870, على ما كان تقليديا من أراضي القرية. وأنشئت مستعمرة أزور (132158), في سنة 1948, على أراضي القرية, وهي الآن جزء من المنطقة الصناعة المتصلة بتل أبيب. وتتاخم المستعمرتان ضواحي حولون (128158).

المصدر:
كتاب كي لا ننسى، وليد الخالدي
www.palestineremembered.com
موسوعة القرى الفلسطينية 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *