بيت سوسين

كانت القرية تقوم على ذروة تل على المنحدرات الجنوبية لمنطقة جبلية، وتشرف على مساحات واسعة إلى الغرب والجنوب. وكان نهران يجريان على المنحدرات، ويلتقيان عند أسفل القرية. وكانت بيت سوسين قريبة من شبكة طرق تؤدي إلى مدن عدة. كما كانت طريق فرعية تصلها بطريق يافا-القدس العام. وكان الصليبيون يسمونها بزيزين (Bezezin). في سنة 1596، كانت بيت سوسين قرية في ناحية الرملة (لواء غزة)، وعدد سكانها 308 نسمة. وكانت تؤدي الضرائب على عدد من الغلال كالقمح والشعير والزيتون، بالإضافة إلى عناصر أُخرى من الانتاج والمستغَلات كالماعز وخلايا النحل. في سنة 1852، مرّ إدوارد روبنسون بالقرية، ووصفها بأنها صغيرة وقديمة.
صُنفت بيت سوسين مزرعة في ((معجم فلسطين الجغرافي المفهرس)) (Palestine Index Gazetteer)، وقُسمت قسمين: القسم الأكبر كان على شكل مستطيل يمتد من الشمال إلى الجنوب، والقسم الآخر يقع على بعد 250 متراً إلى الجنوب الغربي. وكانت منازلها مبنية بالحجارة. وكان سكانها، وهم في معظمهم من المسلمين، يصلّون في مسجد يقع في جوار القسم الأصغر من القرية، كما كانوا يستمدون مياه الاستخدام المنزلي من نبع (لعله النبع نفسه الذي رأى روبنسون سكان القرية يستقون منه عندما زار القرية في سنة 1852. كان اقتصاد القرية يعتمد على تربية المواشي وعلى الزراعة، وكانت الحبوب أهم المحاصيل. في سنة 1943، كانت أشجار الزيتون مغروسة في دونمين من الأرض. وفي 1944/1945، كان ما مجموعه 5108 من الدونمات مخصصاً للحبوب، و94 دونماً مروياً أو مستخدماً للبساتين. وكان في جوار بيت سوسين خرب عدة تحتوي على بقايا أحد الحيطان، وأسس أبنية، وحجارة منحوتة، وصهاريج منقورة في الصخر، وكهوف، وحوض، ومقابر.

إحتلال القرية وتطهيرها عرقيا 

استناداً إلى المؤرخ الإسرائيلي بني موريس، فإن القرية احتُلت وهُجّر سكانها عقب عملية نحشون في 20 نيسان/أبريل 1948، في سياق سلسلة من العمليات التي نُفذت في ممر القدس. لكن ثمة مصادر أُخرى تعارض هذا الزعم؛ إذ يذكر المؤرخ الفلسطيني عارف العارف أن محاولة للاستيلاء على القرية جرت في 22-23 أيار/مايو، وأن الهجوم أخفق لأسباب، منها أن المهاجمين ظنّوا القرية خالية وفوجئوا بمقاومة سكانها الشديدة، غير المتوقعة. ويذهب عارف العارف إلى بيت سوسين احتُلّت بعد أسبوع من ذلك تاريخ، في 28 أو 30 أيار/مايو، خلال إحدى الهجمات التي شُنت لاحتلال اللطرون. ويؤكد ((تاريخ حرب الاستقلال)) هذه الرواية، ويشير إلى أن وحدات من اللواء شيفع (السابع) احتلت بيت سوسين وجارتها بيت جيز بين 16 و30 أيار/مايو. وقد أعلن الجيش الإسرائيلي الاستيلاء على القريتين في 28 أيار/مايو؛ وذلك استناداً إلى صحيفة ((نيويورك تايمز)). وذكر البلاغ أن تلك الوحدات اندفعت جنوبي طريق القدس-يافا العام، في مناورة التفاف. وبسقوط القريتين كلتيهما في قبضة الإسرائيليين، أُقيمت طريق إمداد تربط القوات اليهودية الموجودة في القدس بمنطقة الساحل. وبفتح الطريق بين بيت سوسين والقدس، تمكنت القوات الإسرائيلية من تجاوز بلدة اللطرون ونتوء اللطرون الاستراتيجي. ولا يُعرف تحديداً متى دُمرت القرية، لكن معظم القرى التي احتُلت في ممر القدس، خلال تلك الفترة، سُوي بالأرض بعد وقوع الاحتلال.

القرية اليوم

جُرِف الموقع وسُوّي بالأرض. وتغطي الإعشاب والأشواك ما بقي من أنقاض. ولا تزال آثار شجرة تين بادية للعيان وسط الموقع، كما لا تزال بقايا من حيطان المنازل تشاهد في الطرف الجنوبي من الموقع، حيث ينبت شجر الأرز والصنوبر والخروب. وثمة آجام صبّار وشجيرات في الطرف الشمالي الغربي. وقد شُجّرت كل المنطقة الممتدة شمالي الموقع وشرقيه.

المغتصبات الصهيونية على اراضي القرية

في سنة 1950 أُنشئ موشاف تعوز على أراضي القرية، إلى الجنوب الشرقي من موقعها.

المصدر:
كتاب كي لا ننسى، وليد الخالدي
www.palestineremembered.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *