عراق سويدان

كانت القرية تنهض على هضبة صغيرة في السهل الساحلي, ذات تربة بنية اللون مائلة إلى الحمرة وكان طريق الفالوجة- المجدل العام يجتاز الطرف الجنوبي من القرية. وقد بنى البريطانيون مركزا حصينا للشرطة غربي القرية, وعلى ذلك الطريق ذاته. والجزء الأول من اسم القرية أي (عراق) جمع عرق, ومعناه الجبل الصغير) يشير طبعا إلى موقعها بينما الجزء الثاني من الاسم غير معروف الأصل. أما سكان القرية فكانوا من المسلمين.
في أواخر القرن التاسع عشر, كانت عراق سويدان قرية متوسطة الحجم قائمة في أحد السهول. وبعيد سنة 1947, أصبحت القرية تشارك في مدرستها الابتدائية التي بناها السان كمدرسة خاصة في سنة 1942, سكان قريتي عبدس وبيت عفا المجاورتين. وكان عدد التلامذة من القرى الثلاث 104 في أواسط الأربعينات. وكانت مياه الاستعمال المنزلي تستمد من بئرين. أما المزروعات الأساسية غير أنه كان ثمة مساحات صغيرة مخصصة للأشجار المثمرة (بما في ذلك اللوز) والعنب في 1944\1945, كان ما مجموعه 7329 دونما مخصصا للحبوب و9 من الدونمات مرويا أو مستخدما للبساتين. وإلى الغرب م عراق سويدان على الطريق العام, كان ثمة موقعان أثريان: خربة الشيخ محمد (120117)وخربة الشيخ عبدالله (120117). ويبدو خلال الفترة البيزنطية. وهما يضمان آثارا, كالمقابر والكهوف المنحوتة في الصخر وبعض الأرضيات من الفسيفساء.

إحتلال القرية وتطهيرها عرقيا 

سلمت السلطات البريطانية عشية انسحابها في 15 أيار\ مايو 1948 السكان مركز الشرطة في القرية. وبعيد ذلك التاريخ دخلت القوات المصرية فلسطين وصدرت الأوامر إلى الكتيبة الأولى لمركز الشرطة الذي كان يتحكم في الطريق بين المجدل وبيت حبرين فضلا عن تحكمه في الطريق الداخلي نحو النقب فقد حاول الإسرائيليون من دون طال وفي ثماني هجمات منفصلة أن يستولوا على هذا المركز في الأشهر اللاحقة. وقد (تاريخ حرب الاستقلال) أنه (لا يوجد هناك موقع في البلد هاجمنا مرات كثيرة, مثلما هاجمنا ذلك الوحش على التلة).
عندما أعلن بدء الهدنة الأولى, كانت القرية لا تزال خارج نطاق الاحتلال. وما أن انتهت الهدنة الأولى(التي حددت بدء (الأيام العشرة) حتى حاولت القوات الإسرائيلية, مجددا الاستيلاء عليها. إذا صدرت الأوامر إلى وحدات من لواء هنيغف (النقب) بالاستيلاء على مركز الشرطة, بينما أنطيت بوحدات من لواء غفعاتي مهمة احتلال القرية ذاتها. واستنادا إلى تاريخ حرب الاستقلال) احتلت الكتيبة الرابعة من لواء غفعاتي القرية لفترة قصيرة ليل 8-9 تموز\ يوليو غير أنها اضطرت إلى إخلائها فورا لأن وحدات لواء هنيغف (النقب) أخفقت في احتلال مركز الشرطة, وكان من المستحيل الدفاع عن القرية من دون احتلال ذلك المركز. وبعد ذلك التاريخ بيومين, أوردت صحيفة (نيورك تايمز) أن سلاح الجو الإسرائيلي قصف الموقع وغيره من الأهداف في منطقة عزة.
أخيرا سقط مركز الشرطة في9 تشرين الثاني\ نوفمبر في يد الكتيبة التاسعة من اللواء المدرع بعد هجوم كثيف شنته خلال الهدنة وعقب عملية يوآف (أنظر بربرة قضاء غزة), وكان الهدف منه الاستيلاء على المركز تحديدا. كانت الخطة تشتمل على (قصف مدفعي ممهد بقوة لا مثيل لها من قبل (خلال الحرب)و وبعد ذلك هجوم بالمشاة والدبابات). واستنادا إلى (تاريخ حرب الاستقلال), لم يشهد المهاجمون الإسرائيلون من قبل (نيرانا كهذه منصبة على هدف واحد), وبعد ساعتين من القصف العنيف دمر حائط مركز الشرطة على يد وحدة إسرائيلية كانت تتقدم نحوه. أما المدافعون المصريون الذين صمدوا فيه ستة أشهر تقريبا فقد (خرجوا من الحصن مذهولين ومصدومين واستسلموا). وجاء في تقرير مراقبي الأمم المتحدة الذين شهدوا ذلك الهجوم. أن الموقع تعرض لقصف طائرات من طراز فلاينغ فورتس ب- 17 كما جاء في تقرير نشرته (نيورك تايمز) أنه بعد أن سمع صوت إطلاق النار,وصل مراقبا الهدنة (أحدهما أميريكي والآخر بلجيكي) إلى المكان مع ضباط الارتباط الإسرائيليين. ثم طلب الضباط الإسرائيليون إليهما مغادرة المكان بحجة عدم توفر الأمن. ورفض المراقبان الطلب, فاعتقلتهما الشرطة الإسرائيلية واحتجزتهما حتى المساء وقد أوساط الأمم المتحدة احتجاز الاسرائيلين للمراقبين بأنه (محاولة متعمدة لإجهاض الإشراف الفعلي على الهدنة).
في 10 تشرين الثاني\ نوفمبر بعد يوم من الهجوم جاء في بلاغ إسرائيلي أن القوات المصرية انسحبت بعد استسلام مركز الشرطة من قرية عراق سويدان وقرية بيت عفا المجاورة, واستشهدت صحفية (نيورك تايمز) بهذا البلاغ الذي جاء فيه كما قالت الصحفية, أن الجنود الإسرائيليين احتلوا هاتين القريتين, لكنها لم تذكر هل بقي السكان فيهما أم لا. وقد كتب الجنرال يتسحاق ساديه, وهو مؤسس البلماح وأول قائد من قادته وصفا شاملا للهجوم على مركز شرطة عراق سويدان وأشار فيه إلى أن (اسم عراق سويدان بحد ذاته كان يبعث على الاحترام لدى مقاتلي وحدات الجيش الإسرائيلي. وبعد احتلال القرية ومركز الشرطة, اشتد الخناق على آلاف المدنيين والعسكريين الذين حجزوا داخل (جيب الفالوجة).

القرية اليوم

يحتجب حطام المنازل بغابة من أشجار الكينا التي تغطي وسط القرية. ولا يزال يشاهد نبات الصبار وبقايا حوض. ويسهل تمييز طريقتين قديمتين من طرقات القرية, تمر أحداهما بالموقع والأخرى عبر أراضي القرية. ولا يزال مركز الشرطة البريطاني يستخدم ويدعى الآن متزودت يوآف. أما الأراضي المجاورة فيستغلها المزارعون الإسرائيليون.

المغتصبات الصهيونية على اراضي القرية

أسست ياد ناتان  وهي مستعمرة زراعية, في سنة 1953 إلى الشرق من موقع القرية, على أراضيها وأقيمت مستعمرة عوتسم على أراضي القرية في سنة 1955, إلى الجنوب الشرقي من موقعها. وأقيمت سدي يوآف (119117)واسمها الأصلي بيت يوآف إلى الغرب من الموقع في سنة 1956, بالقرب من أراضي القرية

 

المصدر:
كتاب كي لا ننسى، وليد الخالدي
www.palestineremembered.com

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *